مملكة فلسطينى
[center]مرحبا بك في منتديات مملكة فلسطينى
لتتمكن من الإستمتاع بكافة ما يوفره لك هذا المنتدى من خصائص, يجب عليك أن تسجل الدخول الى حسابك في المنتدى من هنــــا
إن لم
مملكة فلسطينى
[center]مرحبا بك في منتديات مملكة فلسطينى
لتتمكن من الإستمتاع بكافة ما يوفره لك هذا المنتدى من خصائص, يجب عليك أن تسجل الدخول الى حسابك في المنتدى من هنــــا
إن لم


الرئيسيةالرئيسيةالبوابةأحدث الصورالمتواجدون فى المنتدى الأنالتسجيلدخولتسجيل دخول الاعضاء 1

شاطر|

رثاء نزار قباني لزوجته بلقيس

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل
كاتب الموضوعرسالة
ayman2100
عضو ذهبى
عضو ذهبى
ayman2100


الاوسمه الاوسمه : رثاء نزار قباني لزوجته بلقيس Empty
mms mms : الصديق الحقيقي هو الذي يمشي إليك عندما باقي العالم يبتعد عنك
مدى نشاط الاعضاء مدى نشاط الاعضاء :
رثاء نزار قباني لزوجته بلقيس Left_bar_bleue100 / 100100 / 100رثاء نزار قباني لزوجته بلقيس Right_bar_bleue
المزاج المزاج : رثاء نزار قباني لزوجته بلقيس 1210
الجنس الجنس : ذكر
المهنه المهنه : رثاء نزار قباني لزوجته بلقيس Collec10
الهوايه الهوايه : رثاء نزار قباني لزوجته بلقيس Sports10
عدد المساهمات عدد المساهمات : 7128
نقاط المسابقات نقاط المسابقات : 450
نقاط نقاط : 30047
العمر العمر : 38
المزاج المزاج : الحمد الله

بطاقة الشخصية
مرئى للجميع:
رثاء نزار قباني لزوجته بلقيس Left_bar_bleue1/1رثاء نزار قباني لزوجته بلقيس Empty_bar_bleue  (1/1)


تابع منتديات مملكة فلسطينى على توتير تابعنا على توتير
تابع منتديات مملكة فلسطينى على الفيس بوك تابعنا على الفيس بوك
تابع منتديات مملكة فلسطينى على جوجل بلس تابعنا على جوجل بلس
ـنضم لجروب مملكة فلسطينى على الفيس بوك أنضم لجروبنا على الفيس بوك
تابع منتديات مملكة فلسطينى على اليوتيوب تـــابعـنـا علــــى الــيـــــــــوتيوب
 راســـــــــــــــــــــــل الأداره  راســـــــــــــــــــــــــــــــل الأداره

www.battash.com

مُساهمةموضوع: رثاء نزار قباني لزوجته بلقيس رثاء نزار قباني لزوجته بلقيس I_icon_minitimeالأحد 3 أبريل - 5:11


قصيدة رثاء نزار قباني في زوجته بلقيس
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سوف اسرد لكم قصة عن حياة شاعرنا الراحل نزار قباني مع زوجته
نزار توفيق قباني الديانة /مسلم (سني) تاريخ ومكان الميلاد 1923م دمشق
حياته مع بلقيس /
يقول نزار: بلقيس هي كنز عظيم عثرت عليه مصادفه, حيث كنت اقدم

أمسية شعرية في بغداد

عام 1962م ويضيف , قصتنا ككل قصص الحب في المدن العربية

جوبهت ب(لا)كبيرة جداَ..كان

لاعتراض الأقوى على تاريخي الشعري,وكانت مجموعاتي الغزلية وثائق

أشهرها أهل بلقيس ضدي

والقبائل العربية كما نعرف لاتزوج بناتها من اي شاعر تغزل بإحدى

نساء القبيلة,ولما يئست

من إقناع شيخ القبيلة بعدالة قضيتي..ركبت الطائرة وسافرت إلى

أسبانيا لأعمل دبلوماسياَ
فيها لمدة ثلاث سنوات,وخلال هذه السنوات الطويلة كنت أكتب
لبلقيس,وكانت تكتب لي..رغم أن
بريدالقبيلة كان مراقباَ...وظل وضع نزار على هذا الحال حتى جاء
عام 1969م,فيقول نزار
((في هذا العام ذهبت إلى بغداد بدعوة رسمية للاشتراك في مهرجان
المربد..وهناك القيت قصيدة
من أجمل قصائدي كانت ((بلقيس الراوي)) بطلتها الرئيسية:
مرحباَ ياعراق,جئت اغنيك
وبعض من الغناء بكاء
أكل الحزن من حشاشة قلبي
والبقايا تقاسمتها النساء
بعد هذه القصيدة التي هزت بغداد في تلك الفترة,تعاطفت الدولة
والشعب العراقي مع قضيت نزار
وتولى القادة البعثيون خطبة بلقيس من أبيها,وكان على رأس الوفد
الحزبي الذي ذهب إلى بيت الراوي
في (حي الاعظمية) لطلب يد بلقيس, وزير الشباب الشاعر الأستاذ شفيق
الكمالي ووكيل وزارة الخارجية
آنئذ الشاعر الأستاذ شاذل طاقة. وهكذا ذهب نزار إلى بغداد
عام 1969 م ليلقي قصيدة شعر.. وعدا وهو يحمل
نخلة عراقية))
ومع بلقيس شعر نزار أنه يعيش في حضن أمه, فقد ادركت بلقيس أن
نزاراَ مثل كثير من الرجال
يحتاج إلى إمراة تكون في المقام الاول (أما)َ ثم بعد ذلك زوجة فظلت
تعامله كطفل وتعوضه عن بعده امه
فقد كان كثير التنقل ولذا نجد نزاراَ يكتب لها قصيدة بمناسبة مرور
عشر سنوات على زواجهما
يقول فيها:
أشهد أن لا امراة
اتقنت اللعبة إلا انت
واحتملت حماقتي
عشرة اعوام كما احتملت
وقلمت أظافري..
ورتبت دفاتري
وادخلتني روضة الاطفال
أشهد ان لا امراة
تعاملت معي كطفل عمره شهران
إلا انت
وقدمت لي لبن العصفور
والأزهار والألعاب
إلاانت
أشهد ان لا امراة
قد جعلت طفولتي
تمتد خمسين عاماَ..
كان عمر نزار قباني عند كتابة هذه القصيدة (ست وخمسون عاما)
وقد ظل نزار يعيش كطفل له (أمان) فائزة وبلقيس, حتى كانت اول
أكبر صدمة في حياته حين توفت
والدته عام 1976م, وقد اهتز وجدان الشاعر, فقد وصل ارتباطه بها
إلى أقصى درجاته, فهي التي
كتب لها قصيدة((خمس رسائل إلى امي)) عندما كان يسافر بسب عمله
في الحقل الدبلوماسي ,
وكان يصف حاله بدونها:
....لم أعثر
على امرأة تمشط شعري الأشقر
وتحمل في حقيبتها إليّ عرائس السكر
وتكسوني إذا أعرى
وتنشلني إذا أعثر
ايا أمي أنا الولد الذي أبحر
ولا زالت بخاطره
تعيش عروسة السكر
فكيف...فكيف... يا أمي
تلك الابيات من ديوان الرسم بالكلمات الذي صدر عام 1966م
ولم تمر سوى أعوام قليلة وتحديداَ في 15/12/1981م حتى يصدم نزار
صدمته الثانية, وكانت في وفاة
زوجته وأمه الثانية بلقيس الراوي, ماتت التي كانت تمثل له الكثير
في حادث مأساوي تحت أنقاض
السفارة العراقية في بيروت علىإثرإنفجار هائل بالقنابل وقع بها
ويصف نزار قباني هذه اللحظة
قائلا((كنت في مكتبي بشارع الحمراء حين سمعت صوت انفجار زلزلني من
الوريد إلى الوريد ولا أدري
كيف نطقت ساعتها:ياساتر يارب..بعدها جاء من ينعي إلي
الخبر..السفارة العراقية نسفوها..قلت
بتلقائية بلقيس راحت ..شظايا الكلمات مازالت داخل جسدي ..أحسست
أن بلقيس سوف تحتجب عن الحياة
إلى الابد, وتتركني في بيروت ومن حولي بقاياها, كانت بلقيس واحة
حياتي وملاذي وهوويتي وأقلامي .
ويطلق الشاعر صرخة حزن مدوية, في قصيدة تعد من اطول القصائد المرثية
التي نظمها نزار قباني, وهي قصيدة بلقيس

تزوّج نزار قباني مرتين، الأولى من ابنة عمه "زهراء آقبيق" وأنجب منها هدباء و وتوفيق . و الثانية عراقية هي "بلقيس الراوي" و أنجب منها عُمر و زينب . توفي ابنه توفيق و هو في السابعة عشرة من عمرة مصاباً بمرض القلب و كانت وفاته صدمة كبيرة لنزار، و قد رثاه في قصيدة إلى الأمير الدمشقي توفيق قباني. وفي عام 1982 قُتلت بلقيس الراوي في انفجار السفارة العراقية ببيروت، وترك
رحيلها أثراً نفسياً سيئاً عند نزار ورثاها بقصيدة شهيرة تحمل اسمها بلقيس :

شُكْرَاً لَكُمْ
شُكْرَاً لَكُمْ
فحبيبتي قُتِلَتْ وصارَ بوسْعِكُم
أن تشربوا كأساً على قبرِ الشهيدة
وقصيدتي اغتيلت ..
وهَلْ من أُمَّةٍ في الأرضِ ..
- إلاَّ نحنُ - تغتالُ القصيدة ؟

بلقيسُ ...
كانتْ أجملَ المَلِكَاتِ في تاريخ بابِِلْ
بلقيسُ ..
كانت أطولَ النَخْلاتِ في أرض العراقْ
كانتْ إذا تمشي ..
ترافقُها طواويسٌ ..
وتتبعُها أيائِلْ ..
بلقيسُ .. يا وَجَعِي ..
ويا وَجَعَ القصيدةِ حين تلمَسُهَا الأناملْ
هل يا تُرى ..
من بعد شَعْرِكِ سوفَ ترتفعُ السنابلْ ؟
يا نَيْنَوَى الخضراء ..
يا غجريَّتي الشقراء ..
يا أمواجَ دجلةَ . .
تلبسُ في الربيعِ بساقِهِا
أحلى الخلاخِلْ ..
قتلوكِ يا بلقيسُ ..
أيَّةُ أُمَّةٍ عربيةٍ ..
تلكَ التي
تغتالُ أصواتَ البلابِلْ ؟
أين السَّمَوْأَلُ ؟
والمُهَلْهَلُ ؟
والغطاريفُ الأوائِلْ ؟
فقبائلٌ أَكَلَتْ قبائلْ ..
وثعالبٌ قتلتْ ثعالبْ ..
وعناكبٌ قتلتْ عناكبْ ..
قَسَمَاً بعينيكِ اللتينِ إليهما ..
تأوي ملايينُ الكواكبْ ..
سأقُولُ ، يا قَمَرِي ، عن العَرَبِ العجائبْ
فهل البطولةُ كِذْبَةٌ عربيةٌ ؟
أم مثلنا التاريخُ كاذبْ ؟.

بلقيسُ
لا تتغيَّبِي عنّي
فإنَّ الشمسَ بعدكِ
لا تُضيءُ على السواحِلْ . .
سأقول في التحقيق :
إنَّ اللصَّ أصبحَ يرتدي ثوبَ المُقاتِلْ
وأقول في التحقيق :
إنَّ القائدَ الموهوبَ أصبحَ كالمُقَاوِلْ ..
وأقولُ :
إن حكايةَ الإشعاع ، أسخفُ نُكْتَةٍ قِيلَتْ ..
فنحنُ قبيلةٌ بين القبائِلْ
هذا هو التاريخُ . . يا بلقيسُ ..
كيف يُفَرِّقُ الإنسانُ ..
ما بين الحدائقِ والمزابلْ
بلقيسُ ..
أيَّتها الشهيدةُ .. والقصيدةُ ..
والمُطَهَّرَةُ النقيَّةْ ..
سبأٌ تفتِّشُ عن مَلِيكَتِهَا
فرُدِّي للجماهيرِ التحيَّةْ ..
يا أعظمَ المَلِكَاتِ ..
يا امرأةً تُجَسِّدُ كلَّ أمجادِ العصورِ السُومَرِيَّةْ
بلقيسُ ..
يا عصفورتي الأحلى ..
ويا أَيْقُونتي الأَغْلَى
ويا دَمْعَاً تناثرَ فوقَ خَدِّ المجدليَّةْ
أَتُرى ظَلَمْتُكِ إذْ نَقَلْتُكِ
ذاتَ يومٍ .. من ضفافِ الأعظميَّةْ
بيروتُ .. تقتُلُ كلَّ يومٍ واحداً مِنَّا ..
وتبحثُ كلَّ يومٍ عن ضحيَّةْ
والموتُ .. في فِنْجَانِ قَهْوَتِنَا ..
وفي مفتاح شِقَّتِنَا ..
وفي أزهارِ شُرْفَتِنَا ..
وفي وَرَقِ الجرائدِ ..
والحروفِ الأبجديَّةْ ...
ها نحنُ .. يا بلقيسُ ..
ندخُلُ مرةً أُخرى لعصرِ الجاهليَّةْ ..
ها نحنُ ندخُلُ في التَوَحُّشِ ..
والتخلّفِ .. والبشاعةِ .. والوَضَاعةِ ..
ندخُلُ مرةً أُخرى .. عُصُورَ البربريَّةْ ..
حيثُ الكتابةُ رِحْلَةٌ
بينِ الشَّظيّةِ .. والشَّظيَّةْ
حيثُ اغتيالُ فراشةٍ في حقلِهَا ..
صارَ القضيَّةْ ..
هل تعرفونَ حبيبتي بلقيسَ ؟
فهي أهمُّ ما كَتَبُوهُ في كُتُبِ الغرامْ
كانتْ مزيجاً رائِعَاً
بين القَطِيفَةِ والرُّخَامْ ..
كان البَنَفْسَجُ بينَ عَيْنَيْهَا
ينامُ ولا ينامْ ..

بلقيسُ ..
يا عِطْرَاً بذاكرتي ..
ويا قبراً يسافرُ في الغمام ..
قتلوكِ ، في بيروتَ ، مثلَ أيِّ غزالةٍ
من بعدما .. قَتَلُوا الكلامْ ..
بلقيسُ ..
ليستْ هذهِ مرثيَّةً
لكنْ ..
على العَرَبِ السلامْ

بلقيسُ ..
مُشْتَاقُونَ .. مُشْتَاقُونَ .. مُشْتَاقُونَ ..
والبيتُ الصغيرُ ..
يُسائِلُ عن أميرته المعطَّرةِ الذُيُولْ
نُصْغِي إلى الأخبار .. والأخبارُ غامضةٌ
ولا تروي فُضُولْ ..

بلقيسُ ..
مذبوحونَ حتى العَظْم ..
والأولادُ لا يدرونَ ما يجري ..
ولا أدري أنا .. ماذا أقُولْ ؟
هل تقرعينَ البابَ بعد دقائقٍ ؟
هل تخلعينَ المعطفَ الشَّتَوِيَّ ؟
هل تأتينَ باسمةً ..
وناضرةً ..
ومُشْرِقَةً كأزهارِ الحُقُولْ ؟

بلقيسُ ..
إنَّ زُرُوعَكِ الخضراءَ ..
ما زالتْ على الحيطانِ باكيةً ..
وَوَجْهَكِ لم يزلْ مُتَنَقِّلاً ..
بينَ المرايا والستائرْ
حتى سجارتُكِ التي أشعلتِها
لم تنطفئْ ..
ودخانُهَا
ما زالَ يرفضُ أن يسافرْ

بلقيسُ ..
مطعونونَ .. مطعونونَ في الأعماقِ ..
والأحداقُ يسكنُها الذُهُولْ
بلقيسُ ..
كيف أخذتِ أيَّامي .. وأحلامي ..
وألغيتِ الحدائقَ والفُصُولْ ..
يا زوجتي ..
وحبيبتي .. وقصيدتي .. وضياءَ عيني ..
قد كنتِ عصفوري الجميلَ ..
فكيف هربتِ يا بلقيسُ منّي ؟..
بلقيسُ ..
هذا موعدُ الشَاي العراقيِّ المُعَطَّرِ ..
والمُعَتَّق كالسُّلافَةْ ..
فَمَنِ الذي سيوزّعُ الأقداحَ .. أيّتها الزُرافَةْ ؟
ومَنِ الذي نَقَلَ الفراتَ لِبَيتنا ..
وورودَ دَجْلَةَ والرَّصَافَةْ ؟

بلقيسُ ..
إنَّ الحُزْنَ يثقُبُنِي ..
وبيروتُ التي قَتَلَتْكِ .. لا تدري جريمتَها
وبيروتُ التي عَشقَتْكِ ..
تجهلُ أنّها قَتَلَتْ عشيقتَها ..
وأطفأتِ القَمَرْ ..

بلقيسُ ..
يا بلقيسُ ..
يا بلقيسُ
كلُّ غمامةٍ تبكي عليكِ ..
فَمَنْ تُرى يبكي عليَّا ..
بلقيسُ .. كيف رَحَلْتِ صامتةً
ولم تَضَعي يديْكِ .. على يَدَيَّا ؟

بلقيسُ ..
كيفَ تركتِنا في الريح ..
نرجِفُ مثلَ أوراق الشَّجَرْ ؟
وتركتِنا - نحنُ الثلاثةَ - ضائعينَ
كريشةٍ تحتَ المَطَرْ ..
أتُرَاكِ ما فَكَّرْتِ بي ؟
وأنا الذي يحتاجُ حبَّكِ .. مثلَ (زينبَ) أو (عُمَرْ)

بلقيسُ ..
يا كَنْزَاً خُرَافيّاً ..
ويا رُمْحَاً عِرَاقيّاً ..
وغابَةَ خَيْزُرَانْ ..
يا مَنْ تحدَّيتِ النجُومَ ترفُّعاً ..
مِنْ أينَ جئتِ بكلِّ هذا العُنْفُوانْ ؟
بلقيسُ ..
أيتها الصديقةُ .. والرفيقةُ ..
والرقيقةُ مثلَ زَهْرةِ أُقْحُوَانْ ..
ضاقتْ بنا بيروتُ .. ضاقَ البحرُ ..
ضاقَ بنا المكانْ ..
بلقيسُ : ما أنتِ التي تَتَكَرَّرِينَ ..
فما لبلقيسَ اثْنَتَانْ ..

بلقيسُ ..
تذبحُني التفاصيلُ الصغيرةُ في علاقتِنَا ..
وتجلُدني الدقائقُ والثواني ..
فلكُلِّ دبّوسٍ صغيرٍ .. قصَّةٌ
ولكُلِّ عِقْدٍ من عُقُودِكِ قِصَّتانِ
حتى ملاقطُ شَعْرِكِ الذَّهَبِيِّ ..
تغمُرُني ،كعادتِها ، بأمطار الحنانِ
ويُعَرِّشُ الصوتُ العراقيُّ الجميلُ ..
على الستائرِ ..
والمقاعدِ ..
والأوَاني ..
ومن المَرَايَا تطْلَعِينَ ..
من الخواتم تطْلَعِينَ ..
من القصيدة تطْلَعِينَ ..
من الشُّمُوعِ ..
من الكُؤُوسِ ..
من النبيذ الأُرْجُواني ..

بلقيسُ ..
يا بلقيسُ .. يا بلقيسُ ..
لو تدرينَ ما وَجَعُ المكانِ ..
في كُلِّ ركنٍ .. أنتِ حائمةٌ كعصفورٍ ..
وعابقةٌ كغابةِ بَيْلَسَانِ ..
فهناكَ .. كنتِ تُدَخِّنِينَ ..
هناكَ .. كنتِ تُطالعينَ ..
هناكَ .. كنتِ كنخلةٍ تَتَمَشَّطِينَ ..
وتدخُلينَ على الضيوفِ ..
كأنَّكِ السَّيْفُ اليَمَاني ..

بلقيسُ ..
أين زجَاجَةُ ( الغِيرلاَنِ ) ؟
والوَلاّعةُ الزرقاءُ ..
أينَ سِجَارةُ الـ (الكَنْتِ ) التي
ما فارقَتْ شَفَتَيْكِ ؟
أين (الهاشميُّ ) مُغَنِّيَاً ..
فوقَ القوامِ المَهْرَجَانِ ..
تتذكَّرُ الأمْشَاطُ ماضيها ..
فَيَكْرُجُ دَمْعُهَا ..
هل يا تُرى الأمْشَاطُ من أشواقها أيضاً تُعاني ؟
بلقيسُ : صَعْبٌ أنْ أهاجرَ من دمي ..
وأنا المُحَاصَرُ بين ألسنَةِ اللهيبِ ..
وبين ألسنَةِ الدُخَانِ ...
بلقيسُ : أيتَّهُا الأميرَةْ
ها أنتِ تحترقينَ .. في حربِ العشيرةِ والعشيرَةْ
ماذا سأكتُبُ عن رحيل مليكتي ؟
إنَ الكلامَ فضيحتي ..
ها نحنُ نبحثُ بين أكوامِ الضحايا ..
عن نجمةٍ سَقَطَتْ ..
وعن جَسَدٍ تناثَرَ كالمَرَايَا ..
ها نحنُ نسألُ يا حَبِيبَةْ ..
إنْ كانَ هذا القبرُ قَبْرَكِ أنتِ
أم قَبْرَ العُرُوبَةْ ..
بلقيسُ :
يا صَفْصَافَةً أَرْخَتْ ضفائرَها عليَّ ..
ويا زُرَافَةَ كبرياءْ
بلقيسُ :
إنَّ قَضَاءَنَا العربيَّ أن يغتالَنا عَرَبٌ ..
ويأكُلَ لَحْمَنَا عَرَبٌ ..
ويبقُرُ بطْنَنَا عَرَبٌ ..
ويَفْتَحَ قَبْرَنَا عَرَبٌ ..
فكيف نفُرُّ من هذا القَضَاءْ ؟
فالخِنْجَرُ العربيُّ .. ليسَ يُقِيمُ فَرْقَاً
بين أعناقِ الرجالِ ..
وبين أعناقِ النساءْ ..
بلقيسُ :
إنْ هم فَجَّرُوكِ .. فعندنا
كلُّ الجنائزِ تبتدي في كَرْبَلاءَ ..
وتنتهي في كَرْبَلاءْ ..
لَنْ أقرأَ التاريخَ بعد اليوم
إنَّ أصابعي اشْتَعَلَتْ ..
وأثوابي تُغَطِّيها الدمَاءْ ..
ها نحنُ ندخُلُ عصْرَنَا الحَجَرِيَّ
نرجعُ كلَّ يومٍ ، ألفَ عامٍ للوَرَاءْ ...
البحرُ في بيروتَ ..
بعد رحيل عَيْنَيْكِ اسْتَقَالْ ..
والشِّعْرُ .. يسألُ عن قصيدَتِهِ
التي لم تكتمِلْ كلماتُهَا ..
ولا أَحَدٌ .. يُجِيبُ على السؤالْ
الحُزْنُ يا بلقيسُ ..
يعصُرُ مهجتي كالبُرْتُقَالَةْ ..
الآنَ .. أَعرفُ مأزَقَ الكلماتِ
أعرفُ وَرْطَةَ اللغةِ المُحَالَةْ ..
وأنا الذي اخترعَ الرسائِلَ ..
لستُ أدري .. كيفَ أَبْتَدِئُ الرسالَةْ ..
السيف يدخُلُ لحم خاصِرَتي
وخاصِرَةِ العبارَةْ ..
كلُّ الحضارةِ ، أنتِ يا بلقيسُ ، والأُنثى حضارَةْ ..
بلقيسُ : أنتِ بشارتي الكُبرى ..
فَمَنْ سَرَق البِشَارَةْ ؟
أنتِ الكتابةُ قبْلَمَا كانَتْ كِتَابَةْ ..
أنتِ الجزيرةُ والمَنَارَةْ ..
بلقيسُ :
يا قَمَرِي الذي طَمَرُوهُ ما بين الحجارَةْ ..
الآنَ ترتفعُ الستارَةْ ..
الآنَ ترتفعُ الستارِةْ ..
سَأَقُولُ في التحقيقِ ..
إنّي أعرفُ الأسماءَ .. والأشياءَ .. والسُّجَنَاءَ ..
والشهداءَ .. والفُقَرَاءَ .. والمُسْتَضْعَفِينْ ..
وأقولُ إنّي أعرفُ السيَّافَ قاتِلَ زوجتي ..
ووجوهَ كُلِّ المُخْبِرِينْ ..
وأقول : إنَّ عفافَنا عُهْرٌ ..
وتَقْوَانَا قَذَارَةْ ..
وأقُولُ : إنَّ نِضالَنا كَذِبٌ
وأنْ لا فَرْقَ ..
ما بين السياسةِ والدَّعَارَةْ !!
سَأَقُولُ في التحقيق :
إنّي قد عَرَفْتُ القاتلينْ
وأقُولُ :
إنَّ زمانَنَا العربيَّ مُخْتَصٌّ بذَبْحِ الياسَمِينْ
وبقَتْلِ كُلِّ الأنبياءِ ..
وقَتْلِ كُلِّ المُرْسَلِينْ ..
حتّى العيونُ الخُضْرُ ..
يأكُلُهَا العَرَبْ
حتّى الضفائرُ .. والخواتمُ
والأساورُ .. والمرايا .. واللُّعَبْ ..
حتّى النجومُ تخافُ من وطني ..
ولا أدري السَّبَبْ ..
حتّى الطيورُ تفُرُّ من وطني ..
و لا أدري السَّبَبْ ..
حتى الكواكبُ .. والمراكبُ .. والسُّحُبْ
حتى الدفاترُ .. والكُتُبْ ..
وجميعُ أشياء الجمالِ ..
جميعُها .. ضِدَّ العَرَبْ ..

لَمَّا تناثَرَ جِسْمُكِ الضَّوْئِيُّ
يا بلقيسُ ،
لُؤْلُؤَةً كريمَةْ
فَكَّرْتُ : هل قَتْلُ النساء هوايةٌ عَربيَّةٌ
أم أنّنا في الأصل ، مُحْتَرِفُو جريمَةْ ؟
بلقيسُ ..
يا فَرَسِي الجميلةُ .. إنَّني
من كُلِّ تاريخي خَجُولْ
هذي بلادٌ يقتلُونَ بها الخُيُولْ ..
هذي بلادٌ يقتلُونَ بها الخُيُولْ ..
مِنْ يومِ أنْ نَحَرُوكِ ..
يا بلقيسُ ..
يا أَحْلَى وَطَنْ ..
لا يعرفُ الإنسانُ كيفَ يعيشُ في هذا الوَطَنْ ..
لا يعرفُ الإنسانُ كيفَ يموتُ في هذا الوَطَنْ ..
ما زلتُ أدفعُ من دمي ..
أعلى جَزَاءْ ..
كي أُسْعِدَ الدُّنْيَا .. ولكنَّ السَّمَاءْ
شاءَتْ بأنْ أبقى وحيداً ..
مثلَ أوراق الشتاءْ
هل يُوْلَدُ الشُّعَرَاءُ من رَحِمِ الشقاءْ ؟
وهل القصيدةُ طَعْنَةٌ
في القلبِ .. ليس لها شِفَاءْ ؟
أم أنّني وحدي الذي
عَيْنَاهُ تختصرانِ تاريخَ البُكَاءْ ؟

سَأقُولُ في التحقيق :
كيف غَزَالتي ماتَتْ بسيف أبي لَهَبْ
كلُّ اللصوص من الخليجِ إلى المحيطِ ..
يُدَمِّرُونَ .. ويُحْرِقُونَ ..
ويَنْهَبُونَ .. ويَرْتَشُونَ ..
ويَعْتَدُونَ على النساءِ ..
كما يُرِيدُ أبو لَهَبْ ..
كُلُّ الكِلابِ مُوَظَّفُونَ ..
ويأكُلُونَ ..
ويَسْكَرُونَ ..
على حسابِ أبي لَهَبْ ..
لا قَمْحَةٌ في الأرض ..
تَنْبُتُ دونَ رأي أبي لَهَبْ
لا طفلَ يُوْلَدُ عندنا
إلا وزارتْ أُمُّهُ يوماً ..
فِراشَ أبي لَهَبْ !!...
لا سِجْنَ يُفْتَحُ ..
دونَ رأي أبي لَهَبْ ..
لا رأسَ يُقْطَعُ
دونَ أَمْر أبي لَهَبْ ..

سَأقُولُ في التحقيق :
كيفَ أميرتي اغْتُصِبَتْ
وكيفَ تقاسَمُوا فَيْرُوزَ عَيْنَيْهَا
وخاتَمَ عُرْسِهَا ..
وأقولُ كيفَ تقاسَمُوا الشَّعْرَ الذي
يجري كأنهارِ الذَّهَبْ ..

سَأَقُولُ في التحقيق :
كيفَ سَطَوْا على آيات مُصْحَفِهَا الشريفِ
وأضرمُوا فيه اللَّهَبْ ..
سَأقُولُ كيفَ اسْتَنْزَفُوا دَمَهَا ..
وكيفَ اسْتَمْلَكُوا فَمَهَا ..
فما تركُوا به وَرْدَاً .. ولا تركُوا عِنَبْ
هل مَوْتُ بلقيسٍ ...
هو النَّصْرُ الوحيدُ
بكُلِّ تاريخِ العَرَبْ ؟؟...

بلقيسُ ..
يا مَعْشُوقتي حتّى الثُّمَالَةْ ..
الأنبياءُ الكاذبُونَ ..
يُقَرْفِصُونَ ..
ويَرْكَبُونَ على الشعوبِ
ولا رِسَالَةْ ..
لو أَنَّهُمْ حَمَلُوا إلَيْنَا ..
من فلسطينَ الحزينةِ ..
نَجْمَةً ..
أو بُرْتُقَالَةْ ..
لو أَنَّهُمْ حَمَلُوا إلَيْنَا ..
من شواطئ غَزَّةٍ
حَجَرَاً صغيراً
أو محَاَرَةْ ..
لو أَنَّهُمْ من رُبْعِ قَرْنٍ حَرَّروا ..
زيتونةً ..
أو أَرْجَعُوا لَيْمُونَةً
ومَحوا عن التاريخ عَارَهْ
لَشَكَرْتُ مَنْ قَتَلُوكِ .. يا بلقيسُ ..
يا مَعْبُودَتي حتى الثُّمَالَةْ ..
لكنَّهُمْ تَرَكُوا فلسطيناً
ليغتالُوا غَزَالَةْ !!...

ماذا يقولُ الشِّعْرُ ، يا بلقيسُ ..
في هذا الزَمَانِ ؟
ماذا يقولُ الشِّعْرُ ؟
في العَصْرِ الشُّعُوبيِّ ..
المَجُوسيِّ ..
الجَبَان
والعالمُ العربيُّ
مَسْحُوقٌ .. ومَقْمُوعٌ ..
ومَقْطُوعُ اللسانِ ..
نحنُ الجريمةُ في تَفَوُّقِها
فما ( العِقْدُ الفريدُ ) وما ( الأَغَاني ) ؟؟
أَخَذُوكِ أيَّتُهَا الحبيبةُ من يَدي ..
أخَذُوا القصيدةَ من فَمِي ..
أخَذُوا الكتابةَ .. والقراءةَ ..
والطُّفُولَةَ .. والأماني

بلقيسُ .. يا بلقيسُ ..
يا دَمْعَاً يُنَقِّطُ فوق أهداب الكَمَانِ ..
عَلَّمْتُ مَنْ قتلوكِ أسرارَ الهوى
لكنَّهُمْ .. قبلَ انتهاءِ الشَّوْطِ
قد قَتَلُوا حِصَاني
بلقيسُ :
أسألكِ السماحَ ، فربَّما
كانَتْ حياتُكِ فِدْيَةً لحياتي ..
إنّي لأعرفُ جَيّداً ..
أنَّ الذين تورَّطُوا في القَتْلِ ، كانَ مُرَادُهُمْ
أنْ يقتُلُوا كَلِمَاتي !!!
نامي بحفْظِ اللهِ .. أيَّتُها الجميلَةْ
فالشِّعْرُ بَعْدَكِ مُسْتَحِيلٌ ..
والأُنُوثَةُ مُسْتَحِيلَةْ
سَتَظَلُّ أجيالٌ من الأطفالِ ..
تسألُ عن ضفائركِ الطويلَةْ ..
وتظلُّ أجيالٌ من العُشَّاقِ
تقرأُ عنكِ أيَّتُها المعلِّمَةُ الأصيلَةْ ...
وسيعرفُ الأعرابُ يوماً ..
أَنَّهُمْ قَتَلُوا الرسُولَةْ ..
قَتَلُوا الرسُولَةْ ..
ق .. ت .. ل ..و .. ا
ال .. ر .. س .. و .. ل .. ة

تعقيب الدكتور صلاح شفيع علي ألقصيده
بلقيس منشود نزار قباني للعرب
الرثاء هو غرض عربي قديم ، في تأبين الموتى ، وتتربع الخنساء الجاهلية على قمة هذا الفن ، برثائها الشهير لأخيها صخر :
[ وإن صخراً لتأتم الهداة به كأنه علم في رأسه نار

وتقول في موضع آخر :
أعينى جودا ولا تجمدا ألا تبكيان صخر الندى

وقد تغير موقف الخنساء كلية بعد الإسلام ، فلم ترث أولادها الأربعة بعد استشهادهم في موقعة القادسية ، واكتفت بقولها : الحمد لله الذى شرفنى باستشهادهم وأرجو أن يجمعنى الله بهم في مستقر رحمته .
ولعل سبب بروز هذا الفن ـ كما نستشف من موقفى الخنساء من موت أخيها ودوام رثائها له ، ثم موت أولادها بعد الإسلام وعدم الرثاء ـ يرجع إلى عدم إيمان العرب قبل الجاهلية بالبعث ، فكانوا يعتقدون أن الذى يموت لا يبعث ، وأن الموت هو نهاية حياة الإنسان ، ولا ثمة حياة أخرى ، بل كانوا يتعجبون من الإسلام عندما يخبرهم بوجود حياة أخرى :
انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا(48)وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا(49) الإسراء
ولذلك بعد أن آمنت الخنساء بوجود حياة أخرى ،وبوجود بعث ، قلت الفجيعة ، وهذب الإيمان النفس الملتاعة فانحسر الرثاء ، أو اتجه إلى اتجاهات أخرى مع ظهور الإسلام ، إذ تحول إلى رثاء الشهداء . والشهيد لا يترك في النفس جرحاً غائراً كما يفعل غيره ، فعلمنا بحسن نهايته يخفف من شدة الحزن عليه . ومع تدهور الحضارة الإسلامية ، وسقوط الإندلس ، تحول الرثاء إلى رثاء للمدن كما رأينا في رثاء القيروان .
والرثاء في القصيدة الراهنة رثاء مختلف ، إنه رثاء صادر من شاعر اشتهر في فن آخر هو شعر الغزل . وهذه القصيدة تشهد لشاعرنا أنه شاعر من أخمص قدميه حتى شعر رأسه ، كل شيء في يده يصير شعراً ، فعبقريته الشعرية تجعله يبدع في كل الفنون الشعرية ،وقد لمسنا تفوقاً لنزار قبانى شاعر الغزل والمرأة عندما درب الشعر السياسي ، بل أصبح شعره السياسي هو الأوضح والأكثر قوة في عصرنا الحديث .
نحن إذن مع شاعر مختلف ، ورثاء مختلف .
فقد نزار قباني زوجته بلقيس في انفجار في بيروت ، فكتب فيها هذا الرثاء الذى لا يرثي فيه زوجته ، بقدر ما يرثي فيه العروبة والشعر . إن موت الشعر يوجع الشاعر على مدى قصائد كثيرة سابقة ، كما نرى في قصيدته التى وجهها إلى أبي تمام يستنجد به لما آل إليه الشعر والشعراء :
أبا تمام : إن الناس بالكلمات قد كفروا
وبالشعراء قد كفروا
فقل لى أيها الشاعر
لماذا شعرنا العربي قد يبست مفاصله
من التكرار ،واصفرت سنابله
وقل لى أيها الشاعر
لماذا الشعر ـ حين يشيخ
لا يستل سكينا وينتحر
إن موت الشعر هو الكارثة التى يعانيها الشاعر ، وموت الشعر كما يقول الدكتور عبد الرحمن الوصيف في تحليله لتلك القصيدة يأتى بعد موت الشعراء ، وموت الشعراء لا يحدث إلا إذا خرجوا عن مهمتهم الأساسية في توظيف شعرهم حسب المرحلة التى تمر بها الأمة ، لا سيما الشعراء الذين يتضمن شعرهم قضايا الوطن السياسية .
ويضرب نزار قبانى مثلا على وجوب انسحاب الشاعر من الكتابة إذا عجز عن إقامة التوازن بين فنه وبين موقعه من العالم ، بالشاعر الفرنسي رامبو الذى انسحب من الكتابة عندما وجد أن عمله في تجارة الرقيق يتنافي مع خلقية الشعر ، وإن كنا نرى أن الشعر كان يجب أن يهذب الشاعر ويبعده عن مهنة لا أخلاقية لا أن يترك الشعر ويحتفظ بمهنته التى تتعارض مع أخلاقيات الشعر ، لكن ما يهم نزار قبانى هنا هو المصداقية ، فقد كان الشاعر صادقاً مع نفسه عندما توقف نهائيا مع الكتابة وهو يمارس عملاً يتنافى معها .
يبدأ نزار قبانى الرثاء ببداية غير تقليدية فيقول :
شكراً لكم
شكراً لكم
وهذا المدخل ، هو مدخل تهكمى ، لكنه تهكم ناتج من نفس مفجوعة ، إنه أشبه بالكوميديا السوداء التى تألق فيها زميله صلاح عبد الصبور في مسافر ليل . يتهكم نزار قبانى عندما يتوجه بالشكر للقتلة .
ويأتى بعد ذلك ما يكشف هذا التهكم ، عندما يوضح أن حبيبته قتلت ، وأن قصيدته اغتيلت ، وصار بوسع القتلة أن يشربوا كأساً على قبر الشهيدة ، إن نزار قبانى يجلد القاتلين بشكره لهم ، إن هذا الرد اللا منطقى من نزار على فعلتهم ، يكشف لا منطقية فعلتهم ، وكأنه يقول : كما لا تستحقون الشكر ، وكما لا يتسق الشكر مع فعلتكم النكراء ، كذلك لم أكن مستحقاً منكم هذه الجريمة .
وفي أسلوب استفهامى يشع استنكاراً يتساءل الشاعر :
وهل من أمة في الأرض
إلا نحن تغتال القصيدة
كما قلنا قبلاً ، إن نزار قبانى يتخذ موت زوجته العراقية ،وهو السورى الذى يهوى لبنان وتوجعه فلسطين ويتيم عشقاً بمصر ، يتخذ موتها مدخلاً لرثاء عيوب أمته ، فهو يرى أن عدونا لا يقدر علينا بقوته ، بل يقول :
ما دخل اليهود من حدودنا ، وإنما تسربوا كالنمل من عيوبنا .. ثم يعرج بعد هذا المدخل التهكمى الذى يعكس عدم منطقية الجريمة ، والذى ينسحب على الموقف العربي كله ، إلى وصف حبيبته ، وهى منطقة يجيدها الشاعر ، فوصف جمال المرأة لعبة نزار التى دربها واتقنها ، وقد اكتسب الوصف هنا نوعاً من الجمال لامتزاج الغزل بالحزن .
بلقيس
كانت أطول النخلات في أرض العراق
كانت إذا تمشى
ترافقها طواويس
وتتبعها أيائل
بلقيس يا وجعى
وياوجع القصيدة حين تلمسها الأنامل
هل ياترى
من بعد شعرك سوف ترتفع السنابل
فى هذا الجزء يذكرنا نزار بعراقية بلقيس ، وبجمالها الذى بموته تموت السنابل ، والشاعر لا يوجعه إلا أمته ، فعندما يقول لبلقيس ياوجعى ، فهو يرادف بين أمته وحبيبته ، وهو يرى موت أمته يتمثل في عدم قيام الشعراء بدورهم ، فأمته وحبيبته وقصيدته هم واحد .
ولذلك يمزج بين الشعر والأمة والحبيبة ، فتصبح حبيبته هى الطبيعة في العراق :
يانينوى الخضراء
يا أمواج دجلة
تلبس في الربيع بساقها
أحلى الخلاخل
ومادامت بلقيس هى الأمة هى القصيدة ، لهذا يلح في طلب عدم غيابها : بلقيس لا تتغيبى عنى .
كيف يطلب الشاعر من حبيبته الراحلة ألا تتغيب عنه ؟ إنه يطلب من الأمة التى لم ترحل بعد ، يبتغى أن يجنبها الموت ، يطلب من أمته عدم اغتيال بلقيس بمعانيها بالطهر ، بالنقاء ، بلقيس القصيدة ، آه لو عاش الطهر والنقاء وعادت القصيدة إلى موقعها ،وقام الشعر بدوره ، إذن ما ماتت الأمة ، إذن ما غابت الشمس عن السواحل ، يقول نزار معبراً عن ذلك :
بلقيس
أيتها الشهيدة ، والقصيدة
والمطهرة النقية
ولا ينسى الشاعر أن يوظف اسم الحبيبة ، بما يحمله من تراث عربي عريق ، وارتباطه بمملكة سبأ اليمنية فهي العروبة بعراقتها . إنهاعراقية واسمها يمنى وشهيدة في بيروت وزوجها سورى والقدس هو الوجع الأكبر . فيطلب منها بلقيس أن ترد التحية لجماهير سبأ الباحثة عن مليكتها :

سبأ تفتش عن مليكتها
فردى للجماهير التحية .
إن نزارقبانى يرى أن العرب تفتقد بلقيس الطهر والنقاء ، وأن العرب لا ينقصهم سواها ، وإن عودة بلقيس إلى العرب هى عودة العرب إلى مكانهم الطبيعى .
وهو يرى أن ابتعادنا عن أنفسنا جعل الموت يحيط بنا في كل مكان وكل شيء ، يحاصرنا في فنجان القهوة ، وفي مفتاح الشقة ، وفي أزهار الشرفة وفي ورق الجرائد وفي الحروف الأبجدية
د. صلاح شفيع

الموضوعالأصلي : رثاء نزار قباني لزوجته بلقيس المصدر : منتديات مملكة فلسطينى الكاتب: ayman2100
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
flestiny
الإداره
الإداره
flestiny


الاوسمه الاوسمه : رثاء نزار قباني لزوجته بلقيس Empty
mms mms : لا اله الا الله
مدى نشاط الاعضاء مدى نشاط الاعضاء :
رثاء نزار قباني لزوجته بلقيس Left_bar_bleue50 / 10050 / 100رثاء نزار قباني لزوجته بلقيس Right_bar_bleue
الموقع الموقع : مصر/ الفيوم
المزاج المزاج : رثاء نزار قباني لزوجته بلقيس 3810
الجنس الجنس : ذكر
المهنه المهنه : رثاء نزار قباني لزوجته بلقيس Collec10
عدد المساهمات عدد المساهمات : 3422
دعوة الأصدقاء دعوة الأصدقاء : 850
نقاط نقاط : 22313
المزاج المزاج : الحمد لله

بطاقة الشخصية
مرئى للجميع:
رثاء نزار قباني لزوجته بلقيس Left_bar_bleue1/1رثاء نزار قباني لزوجته بلقيس Empty_bar_bleue  (1/1)


تابع منتديات مملكة فلسطينى على توتير تابعنا على توتير
تابع منتديات مملكة فلسطينى على الفيس بوك تابعنا على الفيس بوك
تابع منتديات مملكة فلسطينى على جوجل بلس تابعنا على جوجل بلس
ـنضم لجروب مملكة فلسطينى على الفيس بوك أنضم لجروبنا على الفيس بوك
تابع منتديات مملكة فلسطينى على اليوتيوب تـــابعـنـا علــــى الــيـــــــــوتيوب
 راســـــــــــــــــــــــل الأداره  راســـــــــــــــــــــــــــــــل الأداره

www.battash.com

https://flestiny.yoo7.com
مُساهمةموضوع: رد: رثاء نزار قباني لزوجته بلقيس رثاء نزار قباني لزوجته بلقيس I_icon_minitimeالأحد 3 أبريل - 6:57

رثاء نزار قباني لزوجته بلقيس 920864
رثاء نزار قباني لزوجته بلقيس 23732
رثاء نزار قباني لزوجته بلقيس 774646 رثاء نزار قباني لزوجته بلقيس 774646

الموضوعالأصلي : رثاء نزار قباني لزوجته بلقيس المصدر : منتديات مملكة فلسطينى الكاتب: flestiny
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ayman2100
عضو ذهبى
عضو ذهبى
ayman2100


الاوسمه الاوسمه : رثاء نزار قباني لزوجته بلقيس Empty
mms mms : الصديق الحقيقي هو الذي يمشي إليك عندما باقي العالم يبتعد عنك
مدى نشاط الاعضاء مدى نشاط الاعضاء :
رثاء نزار قباني لزوجته بلقيس Left_bar_bleue100 / 100100 / 100رثاء نزار قباني لزوجته بلقيس Right_bar_bleue
المزاج المزاج : رثاء نزار قباني لزوجته بلقيس 1210
الجنس الجنس : ذكر
المهنه المهنه : رثاء نزار قباني لزوجته بلقيس Collec10
الهوايه الهوايه : رثاء نزار قباني لزوجته بلقيس Sports10
عدد المساهمات عدد المساهمات : 7128
نقاط المسابقات نقاط المسابقات : 450
نقاط نقاط : 30047
العمر العمر : 38
المزاج المزاج : الحمد الله

بطاقة الشخصية
مرئى للجميع:
رثاء نزار قباني لزوجته بلقيس Left_bar_bleue1/1رثاء نزار قباني لزوجته بلقيس Empty_bar_bleue  (1/1)


تابع منتديات مملكة فلسطينى على توتير تابعنا على توتير
تابع منتديات مملكة فلسطينى على الفيس بوك تابعنا على الفيس بوك
تابع منتديات مملكة فلسطينى على جوجل بلس تابعنا على جوجل بلس
ـنضم لجروب مملكة فلسطينى على الفيس بوك أنضم لجروبنا على الفيس بوك
تابع منتديات مملكة فلسطينى على اليوتيوب تـــابعـنـا علــــى الــيـــــــــوتيوب
 راســـــــــــــــــــــــل الأداره  راســـــــــــــــــــــــــــــــل الأداره

www.battash.com

مُساهمةموضوع: رد: رثاء نزار قباني لزوجته بلقيس رثاء نزار قباني لزوجته بلقيس I_icon_minitimeالأحد 3 أبريل - 11:17

رثاء نزار قباني لزوجته بلقيس Images?q=tbn:ANd9GcR90LURo0krJciXb9nCmS2Xr0Fn-luNLfCbDNoXrQOSHH2fndXyPw

الموضوعالأصلي : رثاء نزار قباني لزوجته بلقيس المصدر : منتديات مملكة فلسطينى الكاتب: ayman2100
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

رثاء نزار قباني لزوجته بلقيس

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة
©phpBB | منتدى مجاني | منتدى مجاني للدعم و المساعدة | التبليغ عن محتوى مخالف | آخر المواضيع
صفحة 1 من اصل 1

هام جداً: قوانين المساهمة في المواضيع. انقر هنا للمعاينة
صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مملكة فلسطينى :: القسم الادبى :: الشعر والأدب-
انتقل الى: