إذا اللَّيلُ طالَ بأَصْفادِهِ فَقُل لي - بِربِّكَ - كَيفَ المَفَرّْ؟!
وَكيفَ الفِكَاكُ؟ وَكيفَ النَّجاةُ؟ وَكيفَ الخَلاَصُ؟ وَكَيفَ الحَذَرْ؟!
دُمُوعُ اللَّيالي هُنا نَازِفَاتٌ وَصَوتُ النُّوَاحِ هُنَا مُسْتَمِرّْ
وَضَوءُ الصَّباحِ بَعِيدٌ، بَعيدٌ وَعَصْفُ الرِّياحِ بَدَا يَنهَمِرْ
♦ ♦ ♦
وَطَعمُ الحَياةِ مَرِيرُ المَذَاقِ وَطالَ الطَّريقُ, وطالَ السَّفَرْ
شُجونٌ، شُجونٌ، وَبَدرٌ حَزِينٌ وَليلٌ طَويلٌ، وَدربٌ عَثِرْ
أَتَحْيا معَ اللَّيلِ أَحلامُنَا وَوَجهُ الصَّباحِ بَدَا يَندَثِرْ
وَغُولٌ وَأشباحُ سُوءٍ بَدَتْ تُخِيفُ الطُّيورَ بِشَتَّى الصُّوَرْ
تُقِيمُ الحَواجِزَ وَسْطَ الدُّرُوبِ تَسُدُّ الطَّريقَ، تَشُقُّ الحُفَرْ
وَكمْ مِن أَفاعٍ بِلَيلٍ تَجُولُ تُرِيقُ السُّمومَ، تُجَافي الجُحُرْ
فَيَا لَيلُ، رِفقاً بِقَلبٍ ضَعِيفٍ عَيَاهُ السُّهَادُ وَطُولُ السَّهَرْ
وَيا فَجرُ، أَقْبِل بِيَومٍ جَديدٍ فإنَّ الفؤادَ هُنَا يَنتَظِرْ
♦ ♦ ♦
تَعالَوا نُعِيدُ الصَّباحَ الجَمِيلَ وَنَقْذِفُ بِاللَّيلِ كَي يَنْدَحِرْ
وَنسكُبُ لِلفَجرِ أَحلامَنا وَنرسُمُ لِلحُلْمِ أَحلَى الصُّوَرْ
وَنكتُبُ بالنُّورِ أَمجادَنَا وَنَعبُرُ دَرباً مَلِيءَ الحُفَرْ
تَعالَوا لِنَحْطِمَ هذِي السُّدُودَ [فَلا بُدَّ لِلقَيدِ أنْ يَنْكَسِرْ]
وَلا بُدَّ لِلجُرحِ أنْ يَنْدَمِلْ وَإنْ طَالَ عَهدٌ بهِ أَوْ قَصُرْ
وَكيفَ نَعِيشُ بأَغلالِنا وَكَيفَ نَبِيتُ بِهذِي الدُّثُرْ
تَعالَوا لِنَنْفُضَ هذا الغُبارَ وَنَحمِلَ عَن كاهِلَيْنا العَفَرْ
إذا مَا انطَلَقْنَا نُعِيدُ الحَياةَ سَيَبدُو مَع اللَّيلِ ضَوءُ القَمَرْ
إذا مَا ارْتَوَينَا بِنَبعِ الضِّياءِ فَلا بُدَّ لِلخَيرِ أنْ يَنْهَمِرْ
إذا مَا امْتَطَينا خُيُولَ الجِهادِ فَسَوفَ نُعِيدُ الزَّمانَ الأَغَرّْ
إذا مَا التَجَأنَا لِرَبٍّ كَريمٍ سَيَرحَلُ عنَّا الأَسَى وَالكَدَرْ
تَعالَوا نُعِيدُ الزَّمَانَ الجَمِيلَ فَقَدْ فَاتَنا الخَيرُ لمَّا غَبَرْ
فَقدْ غَرَّدَ الطَّيرُ لَحْناً شَجِيًّا وَقدْ أَرسلَ اللَّيلُ لَحنَ السَّحَرْ
تَعالَوا نُلَوِّنُ وَجهَ الحَياةِ بِلَونٍ جَمِيلٍ يَسُرُّ النَّظَرْ
وَنَبعَثُ لِلأُفقِ تَرنِيمةً تُعِيدُ السُّرُورَ لِكُلِّ البَشَرْ
وَلا نَتْرُكُ اليأْسَ يَمضِي بِنا بَعِيداً، بَعِيداً، بِلاَ مُسْتَقَرّْ