الفرق باختصار يتلخص فى الاتى .
دولة دينية تعنى:--دولة لها دين واحد فقط تسمح به و تمارس شعائره و لا يوجد دين آخر فى هذه الدوله مسموح له بممارسة
الشعائر....مثال لدولة دينية دولة الفاتيكان فهى كلها للمسيحيين فقط و غير مسموح ببناء المساجد فيها
دولة مدنية فقط::-
تسمح للجميع بممارسة الشعائر و بالحياة مع بعضهم البعض و يحكمهم قانون
الدولة ( الوضعى ) الغير مستمد من أى ديانة و من أهم مساوئها أنها تسمح بكل
شىء و ليس هناك شىء محظور فكما تسمح لليهود و المسلمين و المسيحيين
بشعائرهم فإنها أيضا تسمح لعباد البقر و الشجر و الذين لا يؤمنون بأى معتقد
سماوى بممارسة شعائرهم و أيضا تعطى حرية للشواذ و غيرها و من أمثلة هذه
الدول ..أمريكا
دولة مدنية ذات مرجعية إسلامية
:-- يعنى نفس نظام الذى انتهجه رسول الله صلى الله عليه و سلم فى المدينة
المنورة...فهى دولة مدنية تمارس فيها كل الحريات ويتم اتخاذ القرارت بناءا
على رأى الاغلبيه .. ولكن تشريعها إسلامى يكفل العدل للمسلم و غير المسلم
على حد سواء......................... يعيش فيها المسلمين مع المسيحيين و
اليهود و مسموح لكل من المسيحيين واليهود بممارسة عباداتهم و الذهاب
لمعابدهم و كنائسهم و لهم حرية اختيار الدين
دولة تقوم على العدل المطلق بين كل مواطنيها مهما كانت ديانتهم
ولمن يريد الاستزادة ( وهى ضروريه ) .. لم اجد اروع مما كتبه الفقيه الدستورى الدكتور يحى الجمل
فقد كتب يقول ..
" كنت أتصور أن هذه القضية قد انتهت منذ زمن بعيد ولكن السنوات الأخيرة أظهرت أنها استيقظت من جديد.
ولكي نقدم للقارئ رأينا حول هذا الأمر فإننا يجب أن نعرف أولاً معني الدولة
الدينية، وهل يعرف الإسلام هذه الدولة الدينية، وهل عرفتها المسيحية في
وقت من الأوقات.
وبعد ذلك نعرض للدولة المدنية ومعناها أيضًا، وهل في الأديان عامة والإسلام خاصة ما يرفض الدولة المدنية.
وهناك مسألة أخري قد تحسن الإشارة إليها وبيان صلتها بكل من الدولة الدينية والدوله المدنية ألا وهي «العلمانية» وهل الدولة العلمانية مرادفة للدولة المدنية أم أن هناك تمايزًا بينهما.
وأنا أعرف أنها مسائل قد تبدو دقيقة ولكن معرفتها والإحاطة بمضمونها قد
تكون مهمة ونحن في هذه المرحلة من مراحل التحول، وسأحاول قدر استطاعتي
تبسيط هذه الأمور مع الحفاظ علي الطابع العلمي الميسر.
ونحاول بداءة أن نوضح معني الدولة الدينية، من الناحية التاريخية فقد كانت
السلطة في الماضي تنتمي إلي «اللّه» وكان بعض الفراعنة آلهة وبعضهم تواضع
واعتبر نفسه ابنًا للإله. ثم تطورت الأمور بعض الشيء لكي يكون الحكم بمقتضي
الحق الإلهي المقدس، وهذه الصور القديمة كلها هي من صور الدولة الدينية
قبل ظهور الأديان السماوية، وهكذا نري أن الدين حتي الدين البدائي اختلط
بالدولة وصبغها بصبغته.
ولما جاءت اليهودية وأنزل الله الوصايا العشر علي سيدنا موسي بدأت في
الظهور دولة دينية ولكنها كانت دولة لمجموعة من الناس هم بنو إسرائيل شعب
اللّه المختار ولم تكن دولة لكل الناس ولم تكن صالحة للتقليد ولا للتصدير،
كانت اليهودية دينًا لقوم بعينهم هم بنو إسرائيل، وقامت الدولة العبرية علي
أساس الدين وبلغت أوج ازدهارها في حكم النبي سليمان ثم دمرها بعد ذلك
بنوختنصر وشتت أهلها في أركان الأرض وظلت الأمور كذلك إلي أن بدأت الحركة
الصهيونية التي استطاعت أن تعيد بناء دولة إسرائيل عام ١٩٤٨ وحتي الآن،
وأساس الدولة الديني واضح وغير منكور.
وبعد اليهودية جاءت المسيحية، ولكن المسيحية تختلف تمامًا عن اليهودية في
أنها دين للناس كافة. صحيح جاء هذا الدين أولاً لبني إسرائيل، ولكنهم
أنكروه، وانتشرت المسيحية عندما اعتنقها الأباطرة الرومان وأصبحت هي الدين
الغالب في العالم،
وقد مرت علاقة المسيحية بنظام الدولة بثلاث مراحل، المرحلة الأولي هي التي
ساد فيها مبدأ «دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله» ولم تعرف هذه المرحلة
الدولة الدينية، ذلك أن الدين الجديد كان يهدف أساسًا إلي نشر مبادئه
والتبشير بالقيم الروحية من تسامح ومحبة وإخاء بين بني البشر، وكان يتفادي
الصدام مع الأنظمة الحاكمة.
ولكن المسيحية بعد انتشارها وبعد أن أصبحت الكنيسة أكبر مالك للأرض وأصبحت
قوة روحية وسياسية هائلة، استطاع بابوات الكنيسة أن يفرضوا سلطانهم علي
الدولة حيث إن الحكام كانوا يكتسبون شرعيتهم من الكنيسة وكان البابوات هم
الذين ينصبون الأباطرة، وكانت الكنيسة إذا سحبت من الملوك هذه الشرعية فإن
الرعايا ما كانت تجب عليهم طاعة هؤلاء الحكام.
وفي هذه الفترة نستطيع إن نقول أن أوروبا عرفت الدولة الدينية.
وبعد أن بدأ عصر التنوير وعصر الإصلاحات الدينية بدأت العودة من جديد إلي
مبدأ «دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله»، وبقيام الثورة الفرنسية الكبري عام
١٧٨٩ انتهت تمامًا فكرة الدولة الدينية في أوروبا وتم الفصل بين الدين
والدولة مع تقرير حرية التدين والاعتقاد كحريات سياسية ودستورية.
وإذا كانت المسيحية قد بدأت في قلب الدولة- الإمبراطورية الرومانية- فإن
الإسلام- علي عكس ذلك- بدأ في بيئة صحراوية بدوية لا تعرف معني الدولة ومن
الممكن أن يقال إن الرسالة الجديدة بكل ما حملته من أفكار كانت هي التي أدت
إلي ظهور الدولة في هذا الركن من العالم، وقد بدأت الدولة الإسلامية
الأولي في المدينة المنورة وكان الرسول صلوات اللّه عليه هو مُبلغ الرسالة
من ناحية وهو الذي يمارس سلطة الحكم من جهة أخري، ومن هنا نجد عمق الارتباط
بين ظهور الدولة ونشأتها وبين الرسالة الجديدة.
وعندما توفي الرسول صلي الله عليه وسلم وانقطع الوحي جري التساؤل عن الحكام
من بعده هل هم خلفاء الله علي الأرض أم هم خلفاء رسول الله، والفارق واضح
تمامًا بين الأمرين، وكان الرأي الغالب أن الخلفاء هم خلفاء الرسول وإذا
كان الرسول بشرا فإن خلفاءه من البشر يخطئون ويصيبون ويحاسبون، وإذا كان
المسلمون أعلم بشؤون دنياهم وكان أمرهم شوري بينهم، فإن الرأي الراجح لدي
المفكرين الإسلاميين أن الإسلام لا يعرف الدولة الدينية، ولكن واحدة من الفرق الشيعية هم الشيعة الإمامية يقولون بولاية الفقيه وبذلك يقتربون من فكرة الدولة الدينية.
هذا عن التطور التاريخي لفكرة الدولة الدينية التي لم يعد يقول بها أحد في
العصر الحديث إلا بعض غلاة اليهود وبعض غلاة ما يعرف باسم المسيحية
الصهيونية وبعض غلاة الشيعة، أما عدا هؤلاء فهم لا يعرفون إلا الدولة
المدنية.
فما هو مفهوم الدولة المدنية؟
إذا كانت المرجعية في الدولة الدينية لأمور خارج نطاق البشر وفوق عقولهم
فإن المرجعية في الدولة المدنية هي لإرادة الناس وفكرهم، ذلك أن الدولة
المدنية تقوم علي مبدأ أساسي مقتضاه أن إرادة الناس هي مصدر كل السلطات
ومرجعيتها النهائية.
والدولة المدنية التي تقوم علي أساس القانون وتتبني النظام الديمقراطي هي
دولة تقوم أيضًا علي أساس مبدأ المواطنة أي أن مواطنيها جميعًا- مهما
اختلفت أصولهم العرقية أو معتقداتهم أو أفكارهم أو دياناتهم- هم لدي
القانون سواء في حقوقهم المدنية والسياسية.
وتوشك دول العالم كلها أن تكون الآن دولاً مدنية، وقد تكون الجمهورية
الإسلامية الإيرانية ودولة إسرائيل- علي ما بينهما من اختلاف شديد- هما
المثلان المعاصران القريبان من فكرة الدولة الدينية.
ويجري تساؤل خاص بمصر لابد أن نتعرض له.
هل المادة الثانية من الدستور- بعد تعديلها عام ١٩٨٠- تبعد مصر عن الدولة
المدنية وتقربها من مفهوم الدولة الدينية، هذا سؤال دقيق ويثير كثيرًا من
الحساسيات وكثيرًا من المناقشات في هذه الأيام؟
كانت المادة الثانية عند أصل وضعها في دستور ١٩٧١ تقول: «الإسلام دين
الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي
للتشريع».
وعدلت هذه المادة عام ١٩٨٠ لكي تقول «… ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع».
والحقيقة أن الهدف الأساسي من وراء هذا التعديل هو كما قلت أكثر من مرة كان
للتغطية علي سوءات تعديل المادة ٧٧ من الدستور، التي أطلقت مدد الرئاسة
إلي أبد الآبدين، وقد وصفت تعديل المادة الثانية بأنه نوع من النفاق
السياسي ودغدغة مشاعر الجماهير أكثر منه توجهًا نحو فكرة الدولة الإسلامية.
وجاءت المحكمة الدستورية العليا فحكمت بأن هذا التعديل يخاطب المشرع ولا
يخاطب القاضي وأن مبادئ الشريعة الإسلامية التي تعتبر كذلك- المصدر
الرئيسي- هي المبادئ قطعية الثبوت قطعية الدلالة وهذه بطبيعتها محدودة
للغاية، ذلك أن الغالبية الكبري من الأحكام الشرعية فيها اجتهادات
واختلافات كثيرة بين الفقهاء المسلمين والمذاهب المختلفة، بل إنه بين فقهاء
المذهب الواحد تتعدد الآراء ومن ثم فإن حكم المحكمة الدستورية الذي اقتضي
شرطي قطعية الثبوت وقطعية الدلالة جعل تطبيق هذه المادة شديد المحدودية
والضيق.
وتقديري أن التفكير في تعديل هذه المادة وإعادتها إلي أصلها الآن قد لا
يكون هو أفضل الخيارات السياسية، ومع ذلك فإن هذه المادة حتي بعد تعديلها
لا تجعل من مصر دولة دينية وإن كانت بيقين تزيد نظريا من مساحة المرجعية
الدينية للتشريع في الدولة.
تبقي بعد ذلك كلمة أخيرة عن «العلمانية» بفتح العين.
الدولة العلمانية ضد الدولة الدينية وضد أي تأثير للدين علي الدولة.
والدولة العلمانية والدولة المدنية لا يتطابقان، ذلك أن الدولة العلمانية
في جوهرها مناهضة للدين، ذلك علي حين أن الدولة المدنية تقر حرية الأديان
والعقائد وتحترم اختلافات الناس في معتقداتهم ولا تفرق بين المواطنين أي
تفرقة علي أساس الدين.
ولعل أخطر ما في الدولة الدينية- وهو ما يدعو إلي قول «لا» بالنسبة لها-
أنها تجعل الحاكم يتكلم باسم اللّه ومن ثم لا تجوز مراجعته ولا مساءلته
وبهذا تفتح هذه الدولة الباب واسعًا للاستبداد باسم الدين وهو أسوأ أنواع
الاستبداد وقد لا يضاهيه إلا ما نعانيه.
واللّه المستعان. "