هل يجوز إعطاء تأشيرة سفر (للحج أو العمرة) إلى امرأة كبيرة في السن بدون محرم حتى لو كان عمرها قد تجاوز الخمسين أو الستين سنة؟
الجواب :
وهذه هي الإجابة عليه: ـ
اشترط الجمهور لحج المرأة المحرم واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم:
لا يحل لامرأة تُؤمن بالله واليوم الآخر أن تُسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع
ذي محرم (متفق عليه)، ولعل ذلك للخوف عليها؛ فإن المرأة محل نظرة
السفهاء وطمعهم، فمتى كانت وحدها لم يكن معها أحد محارمها خِيف عليها لضعف
صبرها وميل النفوس نحوها، وقد ذهب الإمام مالك إلى أن الحج يجب عليها إذا
كانت مع نسوة ثقات طوال سفرها ذهابًا وإيابًا؛ لأن الحج ركن من أركان
الإسلام، والمحرم واجب، فلا يُترك الرُكن لفقد الواجب، ولأنها إذا صحبت
نسوة ثقات معهن محارمهن لم تمتد إليها الأطماع حيث تكون بين النساء مُتحجبة
لا يُميِّزها أحد حتى ترجع من سفرها، وفي هذه الأزمنة قلت الأخطار وذلك
لقصر المُدة حيث جاء تحديدها في الحديث بقوله: "مسيرة يوم وليلة"، وفي
رواية "مسيرة يومين"، وفي حديث آخر "مسيرة ثلاث ليال"، ولعل القصد سفرها
وحدها حيث تضرب الطُرق الخالية وتكون مظنة أن تتيه وتضل الطريق أو يراها
بعض الفسقة فيسير خلفها، فإذا تيسر أنها تُسافر بواسطة الطائرة التي تقطع
المسافة في ساعات معدودة، وأوصلها محرمها إلى سُلَّم الطائرة وتعهَّد بها
من يُحافظ عليها من رفقتها مع نسائه كان الخطر أقل، وهكذا إذا ركبت في
حافلة مليئة بالنساء والرجال وركبت في مُؤخر الحافلة أو في قسم النساء في
الباخرة وكان الطريق أقل من يوم وليلة أو يومين وأُمِن عليها من الضياع
والخطر وتعهَّد بصحبتها بعض أصحابها أو أقاربها مع رفقة من النساء كان ذلك
جائزًا للحاجة سيما إذا كانت كبيرة السن وتخشى الموت قبل أن تُؤدي فريضة
الحج، فهاهنا يُعمل بقول مالك لقلة الأخطار وتقارب الديار وقصر الأسفار،
وهذا كله إذا أيست من صحبة محرم لها. والله أعلم.
المفتي : فضيلة الشيخ عبدالله بن جبرين رحمه الله