| موضوع: 17 قاعدة نفسية في سورة يوسف الثلاثاء 19 يوليو - 15:14 |
| بســــــــــــــــــم الله الرحـــــــــمن الرحــيم
تشير السورة الكريمة إلى مجموعة من الأبعاد النفسية التي تجسد الواقع الحياتي بما فيه من تناقضات و رغبات وهموم كثيرة و متشعبة تأبى على الفرد إلا التأمل عند قراءتها. و بعد قراءتنا للكتاب
-1- ارتأينا أن نقدم لكم ملخصا عن الكنوز الثمينة المتوارية خلف ستار هذه السورة الكريمة في 17 مقالة نعرض فيها لكل قاعدة نفسية على حدة.
(1)أشعرهم بالمحبة والاهتمام
تعتبر المحبة والانتظام في سلك نظام اجتماعي واحد أمر في غاية الأهمية في
حياة الإنسان، إذ يظل الإنسان طيلة حياته تواقا إلى الشعور بالأهمية و حب الآخرين.
يتجلى هذا المعنى في سورة يوسف "إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفي ضلال مبين". والمتأمل في شعور
الإخوة بتفضيل أبيهم ليوسف إنما هو خاطر ينبعث من داخلهم و لا يختلج قلب يعقوب عليه السلام فهو نبي الله ومسلح بكل أشكال القيم الإنسانية
فما بالنا بعدله مع أبنائه، قد تكون شفقته عليهما لصغرهما ووفاة
أمهما أمرا لا يمكن صرفه عن نفسه لكن لم يكن يؤثرهما عليهم في المعاملات والأمور الظاهرية.
النتيجة الحتمية التي نلمسها من الآية هي حرص الأولاد على حب أبيهم وقد
ذهبت بهم الغيرة وافتقارهم للحب إلى اتهام أبيهم بالضلال المبين.
نستلهم إذن أن الحب حاجة ماسة والشخصية التي لم تتمتع بالحب قد تمرض وتموت
وللحب سحر قوي على صحة الإنسان وسعادته وسلامة عقله.
وقد كان في رسولنا صلى الله عليه وسلم من صفات الزعامة والرئاسة ما يجعله مطاع الأمر بين أتباعه بغير سلطان إلا سلطان الحب.
إن الأسرة السعيدة بيئة سليمة يسودها الحب تساعد الأبناء على نمو سليم أما
التربية العنيدة دونما نقاش فإنها تضطر الولد إلى الطاعة وربما إلى عصبية مفرطة أو خجل
ومن الضروري الإشارة إلى أن الحب الزائد ومبالغة المربي في حماية الابن
ومحاصرته قد تؤدي إلى تجمد التطور لديه وعدم انطلاقته وتعرقل تحقيق الذات
وتنمية الاستقلال والثقة بالنفس و إقامة علاقات حميمة أخرى.
إذن هيا لنحيا مع أبنائنا، لا لنحيا لأجلهم، حياتنا لأجلهم تعني التضحية
لهم، أما حياتنا بجوارهم فإنها تعطيهم الفرصة لنفهمهم ويفهمونا بمزيد من الحب والعطاء والاحترام المتبادل.
يتبع |
|
| موضوع: رد: 17 قاعدة نفسية في سورة يوسف الثلاثاء 19 يوليو - 15:28 |
| 2- جَنّبهم الغيرة والحسد
تعد الغيرة مزيجا من الغضب وحب التملك، الغضب من عائق
يتخيل أنه حائل دون تحقيق رغبة ما. وأهم مكونات الغيرة
خوف الفرد على فقدان من يحب وكرهه لمنافسه.
أما الحسد فهو الرغبة في امتلاك ما للغير من امتيازات مع تمني زوالها عنهم.
على أن الفرق بينهما هو أن الحسد يكون في أمور لا يملكها الحاسد بينما يتنعم بها المحسود أما الغيرة فهي شعور المرء
بحقه في شيء وخوفه من فقدانه، ثم إن الحسد يكون بين طرفين: حسد ومحسود بينما تكون الغيرة بين غيور وشخص نغار منه وشيء أو شخص نغار عليه.
والغيرة السائدة بين الإخوة أساسها الخوف من فقدان والديهم أو احدهما، وقد يحاول الأبناء التصدي للأخ الذي يغارون منه
بالضرب أو التحقير أو كسر لعبه.
ولعل ما فعله إخوة يوسف من إبعاده عن والدهم وإلقائه في الجب إلا دليل على غيرة اشتدت إلى حسد ترعرع في قلوبهم
حتى حجب عن ضميرهم هول الجريمة، وكان
يعقوب عليه السلام قد عرف أن الله يصطفي يوسف عليه السلام للنبوة فخاف عليه من إخوته وقال:" يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للإنسان عدو مبين".
ولهذا أوصانا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: "استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود"
عندما ينزغ الشيطان وتصل الغيرة إلى كره غريمه، تفقد النفس زمامها وتتحول الغيرة الى سلوك عدواني، وهكذا سولت لهم
أنفسهم: "اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم"، وهم كانوا أهل دين ومن بيت نبوة، وقد أصلح الله حالهم
وأثنى عليهم وسماهم الأسباط.
ولأن الحسد خاطرة شيطانية تدفع صاحبها لتمني زوال النعمة عن المحسود، جاءت نصيحة يعقوب حين تجهز أولاده للمسير
إلى مصر"لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة"، فقد خاف عليه السلام على أولاده من العين أو من شر حاسد
إذا حسد وذلك لما يظهر في أبنائه من سيم الشجاعة و كمال الخلقة.
فعلى المربين أن يهتموا بالعدل المتوازن حتى يقي الأبناء شرور الغيرة. عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما، أن أمه بنت رواحة سألت أباه بعض الموهبة من ماله لابنها، فالتوى بها سنة، ثم بدا له، فقالت:لا أرضى حتى تشهد رسول الله على ما
وهبت لإبني. فأخذ أبي بيدي، وأنا يومئذ غلام، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أم هذا بنت
رواحة أعجبها أن أشهدك على الذي وهبت لابنها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بشير ألك ولد سوى هذا؟ فقال
نعم قال: فلا تشهدني إذا، فأنا
لا أشهد على جور" رواه مسلم، ثم يقول: "اتقوا الله واعدلوا في أولادكم" متفق عليه.
على أنه يجب الإشارة إلى أن العدل في الأولاد هو تقديم الحب والاهتمام بالصورة و الطريقة التي تناسب عمر الابن وشخصيته.
وهذه بعض العوامل التي قد تجنب الأبناء الغيرة :
*إعداد الصغير لمولود جديد
*التركيز على السلوك الإيجابي للفرد
*تجنب المقارنة بين الأولاد
*تنمية روح الجماعة
*العدل المتوازن
وهذه أمور تتطلب الحكمة والتحلي بالصبر وعدم اللجوء الى التحيز لطرف دون آخر.
يتبع
|
|
| موضوع: رد: 17 قاعدة نفسية في سورة يوسف الثلاثاء 19 يوليو - 15:47 |
| (3) ادعوهم بألقاب محببة إليهم
لأن الاسم قد يكون عنوان الإنسان وصاحبه الذي يرافقه طول حياته فقد حرص الإسلام على تسمية المولود بأحسن الأسماء.
قال صلى الله عليه وسلم:"إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم فأحسنوا أسماءكم" رواه أبو داود. فالإسم الجميل و اللقب يساهمان في تكوين المفهوم الحسن عن الذات عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:" إن امرأة كانت تسمى عاصية فسماها صلى الله عليه وسلم جميلة" رواه البخاري.
وتتجلى هذه المعاني واللفتات التربوية في سورة يوسف بشكل ملفت، فقد ظل يعقوب عليه السلام الأب الحاني الذي يشملهم بأبوته العظيمة حتى في المواقف العصيبة. "قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا" آية 5"قال يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة" آية67 "يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه وتيأسوا من روح الله" آية87
ولعل من فنون التعامل مع الآخر استعمال الإسم أو اللقب المحبب له وهو مدخل من مداخل بناء الثقة
ولو تأملنا حوار يوسف مع فتيان السجن لوجدنا هذا الأمر قد تجلى في حديثه إليهم حيث قال: "يا صاحبي السجن ءأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار" آية39، وقال "يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه" آية41.
إنه يتخذ منهما صاحبين ويتحبب إليهما بهذه الصفة المؤنسة ليدخل الى صلب الدعوة وجسم العقيدة، وهو لا يدعوهما مباشرة، وإنما يعرفهما بقضية موضوعية.
يتبع
|
|