هجر الأقارب
الكبيرة التاسعة : هجر
الأقارب
قال الله تعالى : و اتقوا الله الذي تساءلون به و الأرحام أي و اتقوا الأرحام أن تقطعوها و قال الله تعالى : فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض و
تقطعوا أرحامكم * أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم و أعمى أبصارهم و قال الله تعالى : الذين يوفون بعهد الله و لا ينقضون الميثاق * و
الذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل و يخشون ربهم و يخافون سوء الحساب و قال الله تعالى : يضل به
أي بالقرآن كثيراً و يهدي به
كثيراً و ما يضل به إلا الفاسقين * الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه و يقطعون
ما أمر الله به أن يوصل و يفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون
أعظم ذلك ما بين العبد و
بين الله ما عهده الله على العبيد
و في الصحيحين
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
لا يدخل الجنة قاطع رحم
فمن قطع أقاربه الضعفاء و
هجرهم و تكبر عليهم و لم يصلهم ببره و إحسانه و كان غنياً و هم فقراء فهو داخل في
هذا الوعيد ، محروم عن دخول الجنة ، إلا أن يتوب إلى الله عز و جل و يحسن إليهم و قد ورد في الحديث عن رسول الله
صلى الله عليه و سلم أنه قال : من كان له
أقارب ضعفاء و لم يحسن إليهم و يصرف صدقته إلى غيرهم لم يقبل الله منه صدقته و لا
ينظر إليه يوم القيامة ، و إن كان فقيراً
وصلهم بزيارتهم و التفقد لأحوالهم لقول
النبي صلى الله عليه و سلم : صلوا أرحامكم و لو بالسلام
و قال صلى الله عليه و سلم
: من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فليصل
رحمه و في الحديث عن رسول الله صلى الله
عليه و سلم أنه قال : ليس الواصل بالكافيء
، و لكن الواصل الذي من إذا قطعت رحمه وصلها
و قال صلى الله عليه و
سلم : يقول الله تعالى أنا الرحمن و هي
الرحم فمن وصلها وصلته و من قطعها قطعته
و عن علي رضي الله عنهما أنه قال لولده : يا بني لا تصحبن قاطع رحم فإني
وجدته ملعوناً في كتاب الله في ثلاثة مواضع
و روي عن أبي هريرة رضي
الله عنه أنه جلس يحدث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : أحرج على قاطع رحم
إلا قام من عندنا ، فلم يقم أحد إلا شاب من أقصى الحلقة ، فذهب إلى عمته لأنه كان
قد صارمها منذ سنين فصالحها فقالت له عمته
: ما جاء بك يا ابن أخي فقال إني جلست إلى أبي هريرة صاحب رسول الله صلى الله عليه
و سلم فقال : أحرج كل قاطع رحم إلا قام من عندنا ، فقالت له عمته : ارجع إلى أبي
هريرة و اسأله لم ذلك فرجع إله و أخبره بما جرى له مع عمته و سأله : لم لا يجلس
عندك قاطع رحم ؟ فقال أبو هريرة : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول
: إن الرحمة لا تنزل على قوم فيهم قاطع
رحم و حكي أن رجلاً من الأغنياء حج إلى
بيت الله الحرام ، فلما وصل إلى مكة أودع من ماله ألف دينار عند رجل كان موسوماً
بالأمانة و الصلاح إلى أن يقف بعرفات ، فلما وقف بعرفات و رجع إلى مكة وجد الرجل
قد مات ، فسأل أهله عن ماله علم أنه لم يكن لهم به علم فأتى علماء مكة فأخبرهم
بحاله و ماله فقالوا له : إذا كان نصف الليل فأت زمزم و انظر فيها ، و ناد يا فلان
باسمه فإن كان من أهل الجنة فسيجيبك بأول مرة ، فمضى الرجل و نادى في زمزم فلم
يجبه أحد ، فجاء إليهم و أخبرهم فقالوا : إنا لله و إنا إليه راجعون نخشى أن يكون صاحبك من أهل النار ، اذهب إلى
أرض اليمن ففيها بئر يسمى برهوت يقال أنه على فم جهنم فانظر فيه بالليل ، و ناد يا
فلان فإن كان من أهل النار فسيجيبك منها فمضى إلى اليمن و سأل عن البئر فدل عليها
، فأتاها بالليل و نظر فيها و نادى يا فلان ، فأجابه فقال : أين ذهبي ؟ قال دفنته
في الموضع الفلاني من داري و لم ائتمن عليه ولدي ، فأتهم و احفر هناك تجده فقال له : ما الذي أنزلك هاهنا و كنا نظن بك
الخير ؟ فقال : كان لي أخت فقيرة هجرتها و كنت لا أحنو عليها فعاقبني الله سبحانه
بسببها و أنزلني الله هذه المنزلة
و تصديق ذلك في الحديث
الصحيح قوله صلى الله عليه و سلم : لا
يدخل الجنة قاطع يعني قاطع رحم كالأخت و الخالة
و العمة و بنت الأخت و غيرهم من الأقارب ، فنسأل الله التوفيق لطاعته إنه جواد
كريم