قصة الثلاثة الذين آواهم الغار ذكر النبي صلى الله عليه وسلم نموذجا من الناس عرفوا الله عز وجل عند النعمة والعافية , فعملوا
بطاعة الله , وادخروا أعمالاً صالحة لتكون ذخرا لهم عند الحاجة إليها ,
فلما نزلت بهم الشدة والضر ,عرف الله لهم ذلك , فأنجاهم , وكشف ما بهم ,
بما سبق لهم من الخير والفضل والإحسان.
والقصة رواها
البخاري و
مسلم في صحيحيهما عن
عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(
بينما ثلاثة نفر يتماشون أخذهم المطر , فمالوا إلى غار في الجبل , فانحطت
على فم غارهم صخرة من الجبل , فأطبقت عليهم , فقال بعضهم لبعض : انظروا
أعمالا عملتموها لله صالحة , فادعوا الله بها لعله يفرجها , فقال أحدهم :
اللهم إنه كان لي والدان شيخان كبيران , ولي صبية صغار كنت أرعى عليهم ,
فإذا رحت عليهم فحلبت , بدأت بوالدي أسقيهما قبل ولدي , وإنه ناء بي الشجر
, فما أتيت حتى أمسيت , فوجدتهما قد ناما , فحلبت كما كنت أحلب , فجئت
بالحِلاب , فقمت عند رءوسهما أكره أن أوقظهما من نومهما , وأكره أن أبدأ
بالصبية قبلهما , والصبية يتضاغون عند قدمي , فلم يزل ذلك دأبي ودأبهم حتى
طلع الفجر , فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك , فافرج لنا فرجة نرى
منها السماء , ففرج الله لهم فرجة حتى يرون منها السماء , وقال الثاني :
اللهم إنه كانت لي ابنة عم أحبها كأشد ما يحب الرجال النساء , فطلبت إليها
نفسها , فأبت حتى آتيها بمائة دينار , فسعيت حتى جمعت مائة دينار ,
فلقيتها بها , فلما قعدت بين رجليها قالت : يا عبد الله , اتق الله ولا
تفتح الخاتم , فقمت عنها , اللهم فإن كنت تعلم أني قد فعلت ذلك ابتغاء
وجهك , فافرج لنا منها , ففرج لهم فرجة , وقال الآخر : اللهم إني كنت
استأجرت أجيرا بفَرَقِ أَرُزٍّ , فلما قضى عمله قال : أعطني حقي , فعرضت
عليه حقه , فتركه ورغب عنه , فلم أزل أزرعه , حتى جمعت منه بقرا وراعيها ,
فجاءني فقال : اتق الله ولا تظلمني , وأعطني حقي , فقلت : اذهب إلى ذلك
البقر وراعيها , فقال : اتق الله ولا تهزأ بي , فقلت : إني لا أهزأ بك ,
فخذ ذلك البقر وراعيها , فأخذه فانطلق بها , فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك
ابتغاء وجهك , فافرج ما بقي , ففرج الله عنهم) .
هذا الحديث يبين قصة ثلاثة رجال , خرجوا من ديارهم , وابتعدوا عنها ,
وبينما هم كذلك إذ نزل مطر غزير, فبحثوا عن مكان يحتمون فيه, فلم يجدوا
إلا غارا في جبل فدخلوا فيه ، وكانت الأمطار من الغزارة بحيث جرفت السيول
الصخور الكبيرة من أعلى الجبل ، فانحدرت صخرة من تلك الصخور حتى سدت عليهم
باب الغار، فانقطعت بهم السبل , وأغلقت في وجوههم كل الأبواب والوسائل
المادية , فهم لا يستطيعون تحريك هذه الصخرة فضلا عن دفعها وإزالتها , ولا
يوجد سبيل إلى إيصال خبرهم إلى قومهم ، وحتى لو بحثوا عنهم فلن يصلوا
إليهم ، فقد أزالت الأمطار والسيول آثار أقدامهم.
هنا يعلم العبد اضطرارا أنه لا يستطيع أن ينجيه مما هو فيه إلا الله عز
وجل , الذي أحاط بكل شيء علما , والقادر على كل شيء , ولا يعجزه شيء , فهو
الذي يعلم حاله , ويرى مكانه , ويسمع كلامه .
ولما وصلوا إلى هذه الحال من الاضطرار , أشار أحدهم على أصحابه أن يتوسل
كل واحد منهم إلى ربه بأرجى عمل صالح عمله , وقصد فيه وجه الله , فتوسل
الأول ببره بوالديه حال كبرهما وضعفهما , وأنه بلغ به بره بهما أنه كان
يعمل في رعي المواشي , وكان إذا عاد إلى منزله بعد الفراغ من الرعي , يحلب
مواشيه , فيبدأ بوالديه , فيسقيهما قبل أهله وأولاده الصغار , وفي يوم من
الأيام , ابتعد في طلب المرعى , فلم يرجع إلى المنزل إلا بعد أن دخل
المساء , وجاء بالحليب كعادته , فوجد والديه قد ناما , فكره أن يوقظهما من
نومهما , وكره أن يسقي الصغار قبلهما , فبقي طوال الليل على هذه
الحال, ممسكا بالإناء في يده , ينتظر أن يستيقظا , وأولاده يبكون عند
رجليه , يريدون طعامهم, حتى طلع الفجر.
وتوسل الثاني بخوفه من الله , وعفته عن الحرام والفاحشة , مع قدرته
عليها , وتيسر أسبابها , فذكر أنه كانت له ابنة عم يحبها حبا شديدا ,
فراودها عن نفسها مرارا , ولكنها كانت تأبى , حتى أصابتها حاجة ماسة في
سنة من السنين , فاضطرت إلى أن توافقه على طلبه , على أن يدفع لها مبلغا
من المال , تدفع به تلك الحاجة التي ألمت بها , فلما قعد منها مقعد الرجل
من امرأته , تحرك في قلبها داعي الإيمان والخوف من الله , فذكرته بالله في
هذا الموطن , فقام عنها خائفا وجلا , وترك المال الذي أعطاها.
وتوسل الثالث بأمانته وحفظه لحقوق الآخرين , فذكر أنه استأجر أجيرا
ليعمل له عملا من الأعمال, وكانت أجرته شيئا من الأرز , فلما قضى الأجير
عمله عرض عليه الرجل أجره , فتركه وزهد فيه , وبالرغم من أن ذمة الرجل قد
برئت بذلك , إلا أنه حفظ له ماله وثمره ونماه , حتى أصبح مالا كثيرا , جمع
منه بقرا مع راعيها , فجاءه الأجير بعد مدة طويلة , يطلب منه أجره الذي
تركه , فأعطاه كل ما جمعه له من المال.
وكان كلما ذكر واحد منهم عمله انفرجت الصخرة قليلا ,حتى أتم الثالث
دعاءه , فانفرجت الصخرة بالكلية وخرجوا يمشون.
إن هذه القصة تبين للمسلم طريق الخلاص , عندما تحيط به الكروب ، وتنزل
به الملمات والخطوب , وينقطع حبل الرجاء من المخلوقين ، وتستنفد كل
الوسائل والأسباب المادية, فإن هناك الباب الذي لا ينقطع منه الرجاء ، وهو
باب السماء , والالتجاء إلى الله بالدعاء, فهو الذي يجيب المضطر إذا دعاه
ويكشف السوء , فتبارك الله رب العالمين .
وسؤالى لكم ماذا لو كنت معهم فى الغار هل عندك عمل صالح بينك وبين رب العالمين تتوسل لله تعالى به ؟؟؟؟؟
او هل تركت شيئا يوما لله وكنت متعلق جدا به تقول يارب فعلت هذا من اجلك وابتغاء مرضاتك فاكشف عنى ماانا فيه ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ام ستفكر وستطيل التفكير ولن تجد ؟؟؟؟؟؟
اسأل الله لى ولكم ولجميع المسلمين والمسلمات ان يوفقنا لكل عمل صالح يرضيه عنا