الأخبار

خطت الولايات المتحدة أمس ومعها الاتحاد الأوروبي خطوات واسعة باتجاه التضييق على نظام العقيد معمر القذافي الذي بات محاصراً ضمن العاصمة الليبية طرابلس حيث قام مساء أمس بجولة "التحامية مع الجماهير والشباب".
التحرك الأميركي أمس كان في عدة اتجاهات أكثرها جذباً للانتباه عسكرياً تحريك البنتاغون قطعاً أميركية بحرية إلى مقربة من الشواطئ الليبية، واقتصادياً قيام وزارة الخزانة الأميركية بتجميد أرصدة ليبية بقيمة 30 مليار دولار، في خطوتين ترافقتا مع فتح البيت الأبيض منفذ المنفى "خياراً أكيداً" للعقيد الليبي.
والتقى الرئيس الاميركي باراك اوباما أمس الامين العام للامم المتحدة بان كي مون في المكتب البيضاوي في البيت الابيض أمس بحضور السفيرة الاميركية في الامم المتحدة سوزان رايس للتحدث بشكل خاص عن الوضع في ليبيا، إلا أنهما لم يدليا بأي تصريح.
وفي موازاة زيادة العزلة الدولية على القذافي الذي قامت قوات موالية له مساء أمس بإطلاق النار على مارة في مصراتة شرق العاصمة طرابلس ما ادى الى مقتل شخصين على الاقل واصابة آخر بجروح بالغة، بعد فرض الاتحاد الاوروبي عقوبات على نظامه،
وإقرار مجلس الأمن مثلها ضده وضد عدد من أفراد أسرته ونظامه المتهاوي، أعلن مدعي المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو اوكامبو أمس، أنه يجري تحقيقاً أولياً في ارتكاب النظام الليبي "جرائم ضد الانسانية".
وأمس باتت المعارضة الليبية تسيطر على مناطق شاسعة من ليبيا من ضمنها حقول النفط التي استأنفت التصدير منها، في حين يصر القذافي على التقليل من اهمية ما يجري في بلاده ويؤكد ان "شعبي يحبني ومستعد للموت من اجل حمايتي".
ففي اليوم الرابع عشر من انتفاضة لا سابق لها في ليبيا لم تعد القوات الموالية للنظام تسيطر سوى على طرابلس العاصمة ومنطقتها.
واكد المفوض الاوروبي لشؤون الطاقة غونتر اوتنغر ان غالبية حقول النفط في البلاد باتت "تحت سيطرة قبائل وقوات تسلمت السلطة".
وفي هذا الإطار أعلن مسؤول في اللجنة المحلية المعارضة في مدينة طبرق أن المعارضة الليبية كانت تستعد للإشراف مساء على استئناف تصدير النفط من شرق ليبيا عبر تعبئة ناقلة نفط متوجهة الى الصين.
وستكون هذه أول شحنة من النفط الخام تخرج من ليبيا منذ 19 شباط (فبراير) الماضي بعد أن بدأت قوات الأمن الليبية حملة قمع ضد الاحتجاجات في شرق ليبيا.
وسيطرت المعارضة على شركة الخليج العربي للنفط منذ استقالة رئيسها عبدالونيس سعد المرتجع، طبقا لصحيفة "وول ستريت جورنال".
وعلى الارض ذكرت مصادر في بنغازي ان غارات جوية للقوات الموالية للزعيم الليبي استهدفت أمس مخازن ذخيرة في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في شرق ليبيا، الا ان السلطات الليبية نفت ذلك.
وأغارت الطائرات على مخزن ذخيرة في اجدابيا (100 كلم جنوب بنغازي)، بحسب ما افاد شاهد في اتصال هاتفي. وتعذر على المصدر تحديد حجم الاضرار.
واشار عادل وهو جندي احتياط في بنغازي الى غارات شنتها طائرتان على اجدابيا والرجمة (15 كلم جنوب بنغازي) وقال انه تم صدهما بالمدفعية المضادة للطيران. واضاف ان الغارة على اجدابيا دمرت صهريج مياه ولم تؤد الى اضرار بمستودع الذخائر ولا ضحايا. الا ان السلطات الليبية نفت ذلك.
واعلن التلفزيون الليبي الرسمي ان "مصادر اللجنة العامة المؤقتة للدفاع (هيئة تعادل وزارة الدفاع) تفند مزاعم وكالة الصحافة الفرنسية بأن سلاح الجو الليبي قام بغارات جوية أمس على مخازن ذخيرة في اجدابيا والرجمة".
وفي إطار تفكك الفريق المحيط بالعقيد اعلنت صحيفة "قورينا" الليبية المعارضة أمس ان القذافي اقال رئيس جهاز الاستخبارات عبدالله السنوسي.
وافادت الصحيفة الصادرة في بنغازي معقل المعارضة على موقعها على الانترنت نقلا عن "مصادر مطلعة" ان القذافي "أقال رئيس جهاز الاستخبارات الحالي العميد عبدالله السنوسي، وتولى مهامه بدلا عنه منصور ضوء القحصي أحد الحراس الشخصيين للقذافي". ولم يتسن الحصول على تأكيد او نفي لهذا الخبر في طرابلس.
وبحسب الصحيفة، فإن السنوسي "اليد اليمنى للقذافي في إحكام السيطرة الأمنية على البلاد، وهو من أبرز الشخصيات التي تدخلت في قمع التظاهرات المطالبة بإسقاط النظام".
وأعلن "شباب انتفاضة طرابلس" أمس بيانهم الأول أكدوا فيه استمرار "النضال" حتى "إسقاط النظام" في ليبيا ورفضهم التفاوض معه، معربين عن تأييدهم لمساعي تشكيل مجلس وطني موقت، ودعوا إلى وقفة احتجاجية عقب صلاة الجمعة المقبلة في كل مساجد البلاد.
وذكر البيان الذي بثه موقع "ليبيا اليوم" المعارض أن "شباب انتفاضة طرابلس" عاهدوا على "مواصلة النضال الى أن يتم النصر المبين باسقاط النظام وتحرير كامل تراب الوطن من الاستبداد والقمع الذي عشناه على مدى 41 عاما مظلما من حكم الطاغية القذافي".
وقال العقيد الليبي في مقابلة مع صحافية اميركية من محطة التلفزة "اي بي سي" أمس "ان شعبي يحبني ومستعد للموت من اجل حمايتي".
وقال القذافي هذه العبارة اثناء مقابلة شاركت فيها الصحافية الاميركية كريستيان امانبور التي اوردتها في رسالة على صفحتها على موقع "تويتر".
كما دعا القذافي الأمم المتحدة إلى المجيء إلى ليبيا لتقّصي الحقائق، نافياً استخدام القوة ضد شعبه.
وأضافت امانبور وهي صحافية تعمل لحساب "اي بي سي" في رسالة اخرى ان القذافي الذي حكم بلاده في افريقيا الشمالية لاكثر من 41 عاما، رفض الاعتراف بأن تظاهرات جرت في شوارع طرابلس.
ولكن السفيرة الاميركية في الامم المتحدة سوزان رايس اعتبرت ان تصريحات القذافي بشأن المحبة التي قال ان شعبه يكنها له "واهمة".
وقال القذافي إن الرئيس الأميركي رجل طيب ولكن جرى تضليله بشأن ما يجري في ليبيا. وقالت وكالة الجماهيرية للأنباء (أوج) أمس، إن القذافي قام بجولة مساء في مدينة طرابلس، و"التحمت معه الجماهير الشعبية والشبابية وهي محتشدة بالساحة الخضراء في مسيراتها اليومية المتواصلة" حسب الوكالة الليبية الرسمية.
وعلى صعيد النزوح المرتبط بالاوضاع الامنية المتوترة على الارض في ليبيا افادت مسؤولة في الامم المتحدة أمس ان التقديرات بشأن عدد القتلى في ليبيا جراء القمع تراوح بين المئات والآلاف فيما تشير المعلومات الواردة الى فرار اكثر من مئة الف شخص باتجاه مصر وتونس.
وفي واشنطن، اعلنت وزارة الخزانة الاميركية مساء أمس انها جمدت ارصدة ليبية بقيمة 30 مليار دولار بعد فرض عقوبات على النظام الليبي الجمعة، وهو اكبر مبلغ من المال يتم تجميده على الاطلاق.
وقال ديفيد كوهن وكيل وزارة الخزانة الاميركية انه سيتم فرض مزيد من العقوبات على النظام الليبي في اطار العقوبات التي اقرتها واشنطن ضد القذافي واربعة من افراد عائلته. واضاف "نحن ندرس حاليا اضافة افراد اخرين الى القائمة".
وفي اطار ممارسة الضغوط ايضا على النظام الليبي اعلنت وزارة الدفاع الاميركية أمس ان الجيش الاميركي يعيد نشر قواته البحرية والجوية في المناطق المحيطة بليبيا.
وصرح الكولونيل ديف لابان المتحدث باسم البنتاغون للصحافيين "لدينا مخططون يعملون على عدد من الخطط الطارئة، وأعتقد انه من الممكن القول انه ضمن تلك الخطط فإننا نعيد نشر القوات بحيث نتمكن من التصرف بمرونة فور اتخاذ قرارات" بهذا الشأن.
وقال لابان ان اعادة نشر "القوات البحرية والجوية" ستعطي الرئيس الاميركي باراك اوباما مجموعة من الخيارات في الازمة، دون ان يحدد تلك السفن والطائرات.
وفيما تهاجم قوات القذافي قوى المعارضة، يدرس القادة الاميركيون والاوروبيون امكانية استخدام القوات الجوية التابعة لحلف الاطلسي لفرض حظر للطيران فوق ليبيا لمنع القذافي من شن هجمات جوية ضد شعبه.
وبالاضافة الى احتمال فرض منطقة حظر طيران فوق ليبيا، تدرس الدول الغربية كذلك اقامة "ممر" انساني في تونس ومصر المجاورتين لليبيا لمساعدة اللاجئين، حسب ما افادت صحيفة "نيويورك تايمز" أول من أمس.
كما فرض الاتحاد الاوروبي امس مجموعة من العقوبات الشديدة على النظام الليبي من بينها تجميد ارصدة القذافي و25 من عائلته والمقربين منه وحظر سفرهم لاتهامهم بالتعامل مع المدنيين بطريقة وحشية.
وشدد عدد كبير من وزراء الخارجية في العالم في اطار اجتماع لمجلس حقوق الانسان انعقد في جنيف الضغط على العقيد الليبي مما ينبئ بفرض عقوبات جديدة لحمله على الرحيل.
وقالت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون "يتوجب علينا جميعا العمل معاً لاتخاذ مزيد من الخطوات لمحاسبة حكومة القذافي وتقديم المساعدة الانسانية الى المحتاجين ودعم الشعب الليبي في سعيه الى الانتقال الى الديموقراطية".
وعلى هامش الاجتماع كثفت الوزيرة الاميركية محادثاتها مع نظرائها الاوروبيين ومن عدة دول عربية بغية التحضير لمرحلة "ما بعد القذافي" في ليبيا.
وأعلنت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون ان القذافي يستعين "بمرتزقة وبلطجية" لقمع شعبه وانه ينبغي ان يتنحى على الفور، محذرة من ان لا شيء مستبعداً في وقت يبحث المجتمع الدولي خطواته التالية.
وقال الناطق باسم البيت الأبيض جاي كارني ان الخروج للمنفى من ضمن الخيارات المتاحة أمام العقيد الليبي امتثالاً للمطالب الدولية الخاصة بمغادرة السلطة.
وبعد أيام من الاضطرابات العنيفة في ليبيا قال الرئيس الأميركي السبت إن الوقت حان كي يرحل القذافي لكنه لم يذكر كيف يتصور حدوث ذلك. وأضاف كارني أمس "المنفى هو بالتأكيد أحد الخيارات المتاحة للقذافي". وامتنع عن الحديث عما إذا كانت الولايات المتحدة ستسهل خروجه إلى المنفى.
واقترحت المانيا من جهتها تجميد كل المدفوعات المالية إلى ليبيا مدة 60 يوما لمنع حصول القذافي على المال.
وجاء القرار الاوروبي عقب اجتماع لوزراء الاتحاد في بروكسل امس، فيما قالت الممثلة العليا للشؤون الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون، إنه يجب محاسبة القذافي والنظام الليبي على أعمال العنف التي تشهدها بلاده. كما أصدر الاتحاد عقوبات أحادية حظر بموجبها تزويد ليبيا بالسلاح والذخيرة وغيرها، ومنع التجارة بأدوات قد تستخدم للقمع مع ليبيا.
ومن المتوقع أن يسري القرار خلال الأيام المقبلة بمجرد صدوره في النشرة الرسمية للاتحاد الأوروبي.
وقال مفوض الطاقة في الاتحاد الاوروبي غونتر اويتنغر ان نظام القذافي لم يعد يسيطر على معظم منشآت النفط والغاز الضخمة في ليبيا. وصرح في مؤتمر صحافي عقب اجتماع وزراء الطاقة "هناك ما يدعونا الى اعتقاد ان معظم حقول النفط والغاز لم تعد تحت سيطرة القذافي". وفي لاهاي، اعلن مدعي المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو اوكامبو انه يجري تحقيقاً اولياً في اعمال العنف في ليبيا بعد تلقي طلب من مجلس الامن. وقال في مؤتمر صحافي ان "مكتب المدعي ينظر في معلومات عن حصول هجمات واسعة النطاق او منهجية بحق السكان المدنيين"، موضحا ان مكتب المدعي العام "سيقرر الان ما اذا كان سيفتح تحقيقاً بارتكاب جرائم ضد الانسانية في ليبيا"، متوقعاً ان يصدر هذا القرار "في غضون بضعة ايام".
واوضح اوكامبو ان "وجود اشخاص في مكان ما وتعرضهم لهجوم بالدبابات والطائرات والجنود وقتلهم بصورة منهجية يمكن اعتباره جرائم ضد الانسانية".

الموضوعالأصلي : واشنطن تنشر قوات قرب ليبيا وتجمّد 30 مليار دولار المصدر : منتديات مملكة فلسطينى الكاتب: sara