اعتبر خبراء سياسيون أن دعوة الرئيس حسنى مبارك فى مقال بصحيفة نيويورك تايمز، أمس الأول، إلى أن تكون «القدس عاصمة للدولتين فلسطين وإسرائيل»، تمثل تغيراً فى الموقف الرسمى المصرى الذى كان يعلن دائماً أن القدس عاصمة للدولة الفلسطينية.
ووصف الدكتور عمار على حسن، الباحث السياسى، موقف مبارك بأنه «بداية تنازل ومحاولة لإبداء مرونة زائدة فى التعامل مع الطرف الإسرائيلى»، معرباً عن اعتقاده أن «المفاوضات لا يمكن أن تنجح لأنها من حيث المبدأ تتناول القضايا العالقة وهى قضايا غاية فى الحساسية وبالغة الأهمية، وكانت السبب فى اقتحام رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق إريل شارون للقدس عام 2000 لإنهاء المفاوضات».
وأضاف أن «هناك هدفين للمفاوضات الحالية وهما توظيف القضية الفلسطينية فى الضغط على إيران، وجر العرب إلى المشاركة فى ضربها، ومصر والأردن تشاركان فى صناعة هذه التمثيلية»، مشيرا إلى أن إعادة الحديث عن القدس باعتبارها عاصمة للدولتين هو «إعادة للكلام القديم الذى أطلقه الرئيس الراحل أنور السادات ولم يجد صدى عربياً أو فلسطينياً وتم وأده منذ سنوات، ويعود من فترة لأخرى لكن ليس على مستوى عربى رفيع مثل الرئيس مبارك»، وأضاف: «كلام مبارك تفريط قبل بدء المفاوضات».
وقال الدكتور وحيد عبدالمجيد، رئيس مركز الأهرام للترجمة والنشر، الخبير بمركز الدراسات، إن فكرة أن تكون القدس عاصمة موحدة للدولتين هى أحد الاقتراحات الموجودة منذ فترة طويلة، لكن الموقف الرسمى المصرى كان دائما يعلن أن القدس الشرقية عاصمة لفلسطين، وحديث مبارك الآن «ينطوى على مرونة أكثر فى الموقف ويبدى مساعدة للوسيط الأمريكى فى الدور الذى يقوم به».
وأكد عبدالمجيد أن «القضية غير قابلة للحل فى هذه المرحلة، وكلام مبارك لن يقدم ولن يؤخر، ولو أمكن الوصول إلى حل سيكون حلاً مؤقتاً آخر، لأنه لا يوجد قائد فلسطينى لديه القدرة على التنازل عن أى جزء من القدس الشرقية»، مشيرا إلى أن ذلك كان متاحا أمام الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات عام 2000 لكنه خاف من المصير الذى ينتظره لو تنازل عن جزء من القدس.
وحول حديث مبارك عن استعداد مصر للاستمرار فى الوساطة بين الفلسطينيين، وفى التوسط فى صفقة الأسرى قال عبدالمجيد: «مبارك يتحدث عن ملفات توقف دور مصر فيها منذ فترة ولا يتم شىء فيها على أرض الواقع، لكنه يريد أن يقول إن مصر مازالت موجودة خاصة أن هذه القضية هى الوحيدة الباقية فى السياسة الخارجية المصرية».
وأكد الدكتور عماد جاد، رئيس تحرير مجلة مختارات إسرائيلية، أن طرح الرئيس أقل وضوحاً من الموقف المعلن دائما وهو أن القدس الشرقية عاصمة لفلسطين، ويأتى فى مواجهة الطرح الإسرائيلى القائل بأن القدس الموحدة العاصمة الأبدية لدولة إسرائيل، مشيراً إلى أن وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية أغفلت ترجمة هذه الجملة من المقال لأنها كانت ستتسبب فى لغط سياسى فى الداخل المصرى «فالمقال يخاطب الغرب، ولو كتبه مبارك بالعربية لما وردت فيه هذه الجملة».
فى سياق متصل، شكك خبراء سياسيون فى جدية النوايا الإسرائيلية للوصول إلى اتفاق سلام حقيقى عبر المفاوضات المباشرة التى بدأت فى واشنطن أمس بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
وقال السفير الدكتور محمد شاكر، رئيس المجلس المصرى للشؤون الخارجية: «إسرائيل تواجه منذ فترة طويلة مواقف محرجة بسبب اهتمام إدارة أوباما بالقضية الفلسطينية خاصة بعد الوعود التى قدمها فى أثناء زيارته لمصر والتى لم يتحقق منها شىء حتى الآن».
وأضاف: «إذا لم يستمر الأمريكيون فى دفع المفاوضات بين الجانبين لن يتحقق السلام»، مشيرا إلى محاولات الحكومة الإسرائيلية التهرب من أى التزامات.
وأكد السفير سيد قاسم المصرى، مساعد وزير الخارجية السابق، أن تاريخ إسرائيل يوضح أن حكومة نتنياهو الحالية تعد أشد الحكومات الإسرائيلية تطرفاً، مما يبشر بأن هذه المفاوضات لن تؤدى إلى شىء، معرباً عن مخاوفه من أن فشل هذه المفاوضات سيؤدى إلى مزيد من الاضطرابات فى المنطقة.
واعتبر الدكتور نبيل عبدالفتاح، خبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أنه فى ظل وجود الائتلاف الحالى لحكومة إسرائيل لا يمكن القول إن هناك نوايا حسنة وحقيقية باتجاه الوصول إلى اتفاق سلام حقيقى.