الشباب السوري يخرق جدار الصمت والخوف
يبدو أن جدار الصمت والخوف السميك في سوريا بدأ في الاهتزاز. "درعا هي سوريا"، "بالدم بالروح نفديك يا درعا"، "الله، سوريا وحرية وبس"... هذه بعض الهتافات التي يرددها المتظاهرون في وسط مدينة درعا، جنوبي سوريا، حيث يبدو أن زخم الاحتجاجات لم يتراجع بالرغم من حملة القمع الدموي التي شنتها السلطات والتي خلفت نحو 100 ضحية خلال أسبوع بحسب أكثر من مصدر.
سارة لودوك (نص)
إعلان سلسلة من الإجراءات الإصلاحية وإطلاق الموقوفين على خلفية أحداث درعا
هيثم مناع : "الشباب السوري سيفشل مخططات النظام"
وصلت حمى الاحتجاجات والانتفاضات الشعبية التي تعصف بدول عربية كثيرة إلى سوريا. ففي 18 مارس/آذار الجاري كسر المتظاهرون جدار الخوف من المخابرات والأجهزة الأمنية وقاموا بإحراق مبان حكومية في مدينة درعا، في منطقة حوران، جنوبي البلاد، لتنتقل بعدها سلسلة الاحتجاجات إلى دمشق وحمص واللاذقية وبانياس والحسكة...
الناس لا تصدق ما يحدث في سوريا، حتى الرئيس بشار الأسد الذي أكد قبل أسابيع قليلة في مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن بلاده ولأسباب إيديولوجية في منأى عما تشهده بعض البلدان العربية من انتفاضات وثورات.
نظام أغلق آذانه أمام الاحتجاجات
ويبدو أن الإيديولوجية التي يتحدث عنها الزعيم السوري الشاب أجبرت شعبه لعقود طويلة على الصمت والرضوخ لقبضة "حزب البعث" الحديدية الذي يحكم البلاد من دون منازع منذ 40 سنة والذي حول سوريا إلى نظام من أكثر الأنظمة انغلاقا في الشرق الأوسط.
مراحل في تاريخ النظام السوري
No Flash warning
To take advantage of all the features on FRANCE24.COM, please click here to download the latest version of Flash Player.
إعداد فرانس 24
فالنظام السوري "لا يقبل الاعتراضات"، كما يقول جيل كيبل لإذاعة "فرانس أنفو". فمن جهة رئيس شاب يحب الكلام والنقاشات مع المثقفين والجامعيين ومن جهة أخرى أجهزة سلطة موروثة عن حقبة والده لا تشفق ولا ترحم.
وتعود المرة الأخيرة التي انتفض فيها الشعب السوري إلى العام 1982 في مدينة حماه، يومها طلب الرئيس الراحل حافظ الأسد من جيشه سحق التمرد مخلفا ما بين 10 ألاف و25 ألف قتيل. وتتحدث المصادر عن اختفاء 70 ألف شخص في الثمانينات في سوريا.
أبواب السجون مشرعة للمعارضين السياسيين
كما أن المظاهرات في سوريا ممنوعة منذ إعلان حالة الطوارئ في البلاد في العام 1963 والسجون أبوابها مشرعة للمعارضين السياسيين والمثقفين الذين يدافعون عن حقوق الإنسان. وتتحدث مؤسسة الحقوقي والمعارض السوري هيثم المالح عن وجود 4500 سجين رأي خلف قضبان السجون في سوريا حاليا.
وأظهر الرئيس بشار الأسد - الذي لم يخاطب الأمة بشكل مباشر بعد - في مواجهة حملة الاحتجاجات الشعبية غير المسبوقة ضد نظامه استعدادا لتقديم بعض التنازلات. وأعلنت مستشارته بثينة شعبان الخميس الماضي عن مشاريع لإلغاء حالة الطوارئ ومحاربة الفساد وغيرها من الإصلاحات المطلوبة.
"الشعب السوري طال انتظاره..."
ن نظرا لاتساع رقعة الاحتجاجات وارتفاع حدتها يرى محمد عجلاني مدير معهد الدراسات الإستراتيجية في باريس والمتخصص بالشأن السوري أن هذه الوعود ربما قد لا تكون كافية لإخماد غضب الجيل السوري الشاب. وقال عجلاني في حديث مع فرانس 24: "الشباب السوري انتظر طويلا، وهو يطالب الرئيس الإسراع بالإصلاح وإبعاد الحرس القديم الذين جمعوا الثروات في عهد والده ". وأضاف: "الشباب السوري ينتظر منذ 10 سنوات وهو ينتظر تغييرا كاملا".
وكان بشار الأسد، الذي خلف والده في العام 2000، نجح في بداية عهده بفرض إصلاحات اقتصادية واسعة، ولكن هذا التحرير السريع للاقتصاد أصابت سهامه فئات واسعة من الجيل الشاب والطبقات الفقيرة ورمتهما في حالة من الفقر الشديد.
ويرى محمد عجلاني أن سوريا لم تدخل بعد المنطقة الحمراء ولكن معالجة الوضع لا تحتمل أي تأخير ويضيف "إذ اتخذ الأسد قرارات اقتصادية واجتماعية جريئة ربما فتحت بوجهه أبواب الخروج من الأزمة عبر الحوار والتسوية ولكن إذ استمر النظام في قمعه الدموي فأنه لن يستمر لفترة طويلة".