قبل شهرين من الآن، وتحديدا قبل الخامس والعشرين من كانون الثاني/يناير الماضي، كانت خسارة المنتخب المصري أمام نظيره الجنوب أفريقي وتوديع تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2012 ستتسبب في بركان غضب جماهيري غير مسبوق.
لكن ما أثار الدهشة هي الطريقة التي تلقى بها جمهور الكرة المصرية صدمة الخسارة في الثواني الأخيرة من الوقت المحتسب بدلا من الضائع.
وبدلا من أن تخرج الجماهير غاضبة عقب صافرة الحكم، خرجت وعلامات الارتياح والفرحة، بل والشماتة على وجوه العديد منهم، ما أثار العجب!
لكن مثلما يقول المثل "إذا عُرف السبب بطل العجب"، فإن هنالك بعض التفسيرات التي قدمتها تعليقات الجماهير عبر مواقع التواصل الاجتماعي وكذلك في تعليقها على تقرير المباراة على موقع "يوروسبورت عربية".
ثورة ثورة ! أحد أهم أسباب فرحة - أو قل شماتة - الجماهير لخسارة الفريق وتوديعه - بنسبة 99.99% - التصفيات الأفريقية هو مساندة المدير الفني للفريق حسن شحاتة المعلنة للرئيس السابق محمد حسني مبارك مع جهازه الفني وعدد من اللاعبين مثل وائل جمعة، ونزولهم إلى ميدان مصطفى محمود بالمهندسين في مظاهرات تأييدية للنظام السابق قبل تنحي مبارك.
ولذلك فإن الكثيرين اعتبروا خسارة مبارك هي ضربة لأحد أنصار النظام السابق، ما يؤكد أن تخوف "المعلم" من تأثير موقفه السياسي سلبيا على مسيرته مع الفريق كان على حق.
أبرز دليل على ذلك جاء من تعليقات زوار موقع يوروسبورت عربية، حيث علق العضو "بوشكاش" على تقرير المباراة قائلا "اللي ييجي على الثورة ميكسبش يا معلم وسبحان الله الجول بسبب وائل جمعة اللي نزل لتأيد مبارك.. يمهل ولا يهمل".
وأضاف "أقسم بالله أنا فرحان وكلنا كنا عايزين ربنا يخذلهم زى ما خذلونا أيام الثورة المباركة".
فيما عقب العضو "megatrone" قائلا "بالسلامة يا شحاتة.. على قدر حزني على منتخب بلدي لأنه يحمل اسم مصر.. على قدر فرحي في شحاتة المنافق واللعيبة المنافقين.. خليهم يروحوا شرم الشيخ مع حبيبهم مبارك.. ولا عزاء لأعداء الثورة".
علاء وجمال ويرتبط السبب الثاني بالأول تلقائيا، حيث ترى الجماهير أن المنتخب لم يكن منتخب مصر في أي وقت من الأوقات بل كان منتخب علاء وجمال نجلي الرئيس السابق، حيث لم يعط شحاتة الفضل في أي انتصار حققه الفريق إلى الجماهير المصرية ومساندتها له، وإنما كان يتفاخر دوما بالمكالمات الهاتفية التي يتلقاها من مبارك ونجليه عقب أي مباراة هامة، وكان ينسب إليهم الفضل في الانتصارات الهامة للفريق.
وتحول الهتاف الشهير "زي ما قال الريس.. منتخب مصر كويس" إلى مادة للسخرية بين أعضاء الفيسبوك، إلى حد أن البعض طالب مبارك بالعودة لكي ينقذ شحاتة من هجوم النقاد عليه.
فرصة للتفرغ أما ثالث الأسباب لفرحة المصريين، فهي أن الخسارة أراحت "دماغ" الجميع، لأنها قضت على آمال الفريق في التأهل لكأس الأمم، ما يعتبر بالنسبة لهم فرصة للتركيز على الأوضاع السياسية الحالية في مصر وإعادة الاستقرار إلى البلاد، بدلا من تشتيت الأذهان بمسلسل فرص المنتخب في التأهل.
ويرى الكثيرون أن خروج المنتخب أيضا سيعني عدم استكمال مسابقة الدوري بعد انتفاء الهدف المعلن من إقامتها، وقد يعود ذلك إلى انتماءات جماهيرية تخشى خسارة فريقها اللقب أو هبوطه إلى الدرجة الثانية، أو إلى ربطهم بين كرة القدم واستغلالها في الماضي كوسيلة لتخدير العقول.
تعاطف جزائري ومع انتهاء الأزمة المصرية الجزائرية على الصعيد الشعبي، بدت نبرة التعاطف واضحة في تعليقات الجزائريين على خسارة الفراعنة.
وقال العضو "vetovital" من الجزائر "يا جماعة الكووورة تظل كوووورة واحنا في الجزائر بنحبكم ونتمنى لكم كل الخير ... لأنكم فعلا أحب الناس إلى قلوبنا يا مصريين"، وكذلك أبدى "krafes" تعاطفه مؤكدا أنه كان يتمنى فوز مصر على جنوب أفريقيا.
والطريف في الأمر أن نبرة "هيا نخسر" لم تتوقف عند الجماهير المصرية، بل امتدت إلى عدد من الجماهير الجزائرية قبل مواجهتها الهامة أمام المغرب، حيث تمنى "القط 12" أن يخسر منتخب بلاده أمام نظيره المغربي، وقال "أنا من الجزائر وأتمنى فوز المغرب في اللقاء مع الجزائر لكي نتفرغ لمشكل الوطن و ليزول مخدر الكرة الذي يحقنوننا به الحكام، وثانيا لأن الجزائر يستحيل الفوز بأربع المقبلات المتبقية وخاصة في المغرب على التوالي، فنقولها من الآن وبكل روح رياضية بالتوفيق للمنتخب المغربي".
ويبقى السؤال الأبرز الذي يطرحه رد الفعل الجماهيري عقب الخسارة.. هل انتهى الولع الشهير لكرة القدم لدى المصريين؟ أم أن جيلا جديدا من رحم الثورة قادر على إنعاش العشق الكروي في القلوب؟