بيروت (رويترز) - يرى محللون أن الرئيس السوري بشار الاسد تتوفر له فرصة للاستمرار في الحكم اكثر من رئيسي مصر وتونس اللذين أطاحت بهما انتفاضتان شعبيتان وذلك اذا انتقل بسرعة من القمع الى الاصلاح.وحتى الان يتبع الاسد نفس السيناريو الذي جربته عدة دول عربية ولم يكلل بالنجاح.فقواته الامنية شنت حملة على الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية التي بدأت قبل أسبوعين وأخرج أنصاره الى الشوارع لاعلان ولائهم ثم ألقى كلمة أنحى خلالها باللائمة في الاضطرابات على متامرين أجانب.لكنه على النقيض من الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي والرئيس المصري السابق حسني مبارك لم يقدم تنازلات للاصلاح.واعتمادا على ولاء قوات الامن ودعم ممالك خليجية وحليفته ايران وهدوء الانتقادات الغربية يقامر الاسد على قدرته على تجاوز الموجة الثورية التي تجتاح العالم العربي.وما لم يطبق اصلاحات جادة من الغاء قانون الطواريء المطبق منذ عقود الى منح المزيد من الحريات السياسية والاعلامية فقد لا يكون أمامه الا فترة مؤقتة قبل أن يواجه سريعا مصير زعيمي مصر وتونس.وقال نبيل بو منصف المعلق في صحيفة النهار اللبنانية "يجب ألا ينام على حرير هذه الورقة. يجب أن يقوم باصلاحات مدهشة ليتخطى هذه الموجة. يجب ألا يغامر."وكانت الاحتجاجات التي بدأت في مدينة درعا التي يغلب على سكانها السنة بالجنوب وامتدت فيما بعد الى مدن أخرى من بينها اللاذقية وحماة قد دعت في البداية الى مزيد من الحريات والتصدي للفساد لكنها تحولت الى الانتقاد المباشر للاسد مع ارتفاع عدد القتلى.لكن في الوقت الحالي فانها لا تمثل فيما يبدو تحديا خطيرا لحكم الاسد الممتد منذ 11 عاما.ولسوريا حدود مع العراق والاردن ولبنان وتركيا واسرائيل وبالتالي فانها محاصرة بعدد من الصراعات الاقليمية.وأحجم معظم الجيران عن انتقاد الاسد خشية نشوب صراع طائفي في سوريا وامتداده اليهم.وهناك قدر كبير من الاستياء ازاء الاقلية العلوية التي ينتمي لها الاسد في وجود أغلبية من السنة بسوريا. وحابى الاسد طائفته في توزيع السلطة والثروة وعقود العمل.وتريد الممالك الخليجية التي يحكمها السنة والتي تعاني بالفعل من حركة احتجاجية في البحرين أغلب المشاركين فيها من الشيعة أن يحافظ الاسد على السلام الطائفي. وتنتمي الاسرة الحاكمة في البحرين للاقلية السنية على الرغم من أن أغلبية السكان من الشيعة.ولعب الاسد على نغمة هذه المخاوف وقال ان سوريا مستهدفة بمؤامرة خارجية لنشر الصراع الطائفي وقد تلقى الرئيس (45 عاما) الذي تعلم في بريطانيا رسائل دعم من حكام دول خليجية.وقال المحلل السياسي هلال خشان من الجامعة الامريكية في بيروت "اذا انفجرت سوريا سينفجر العراق وسينفجر الاردن وسيضيع لبنان. قد نشهد حربا أهلية بين السنة والعلويين ستنتشر على الفور في العالم العربي بين السنة والشيعة."واستطرد قائلا "ستفتح سوريا صندوقا من المشاكل."وستحجم الولايات المتحدة التي تخوض صراعين في العراق وافغانستان وتشارك الان في حملة جوية على الزعيم الليبي معمر القذافي عن اتخاذ موقف متشدد.ووصفت واشنطن الكلمة التي ألقاها الاسد يوم الاربعاء والتي لم يفصح فيها عن خططه للاصلاح وبرر خلالها استخدام القوة ضد المتظاهرين بأنها " تفتقر الى المحتوى". لكنها قالت ان الحكم على الخطاب أمر يرجع للشعب السوري.ويوم الخميس أعلنت سوريا عن تشكيل عدة لجان لدراسة المطالب ومن بينها الغاء قانون الطواريء المطبق منذ 48 عاما وحل مشكلة احصاء عام 1962 في محافظة الحسكة بشرق البلاد والذي أدى الى حرمان 150 ألف كردي يعيشون في سوريا من الجنسية. كما قالت سوريا انها ستجري تحقيقا في سقوط قتلى في درعا.وأنحت واشنطن باللائمة على سوريا في التدخل في شؤون لبنان وانتقدت دعمها لايران وجماعتي حزب الله وحماس. لكن واشنطن عينت سفيرا لها في دمشق في يناير كانون الثاني الماضي بعد غياب دام قرابة ستة أعوام في محاولة لجذب السوريين بعيدا عن محور مناهض لاسرائيل تقوده ايران.ويقول بعض المحللين ان دول الخليج والولايات المتحدة واسرائيل لها مصلحة في استمرار الاسد في الحكم لحماية الاستقرار الاقليمي الهش.وقال خشان "دول الخليج تريده أن يبقى والولايات المتحدة ربما لا تحبه لكنها لا تريده أن يرحل والاسرائيليون يعتبرونه أفضل دكتاتور عربي."وتقول جماعات حقوقية ان 61 شخصا قتلوا في احتجاجات سوريا. وقال شهود عيان ان قوات الامن قتلت ثلاثة محتجين على الاقل يوم الجمعة في ضاحية دوما بجنوب دمشق.وقال المعارض البارز مأمون الحمصي لرويترز يوم الاحد ان لديه اسماء 105 قتلى.وينتمي معظم أعضاء النخبة في الجهاز الامني لمجموعة مترابطة من العلويين تحيط بالاسد ولن يقبلوا بأن تنزع منهم السلطة وتسلم للسنة.وقال خشان لرويترز "حتى اذا انتشرت الاحتجاجات فان النظام لديه الة قهر مذهلة. يستطيعون التعامل معها."وأضاف "الخسائر البشرية كانت عالية جدا بين عدد صغير من المحتجين وهذا يخبرك بمدى اصرار السلطات في سحق الاحتجاجات. الاسد يعلم أن قوات الامن في صفه."وقال نشطاء ان احتجاجات اندلعت يوم الجمعة بعد صلاة الجمعة ضد حكم البعث في ثلاث مدن سورية كبرى. وأضافوا أن المئات خرجوا الى الشوارع في أنحاء دمشق حيث أطلقت قوات الامن قنابل الغاز المسيل للدموع في ضاحية دوما وفي مدينتي اللاذقية وبانياس الساحليتين.وصعدت سوريا حملة اعتقال المعارضين التي بدأت خلال انتفاضتي مصر وتونس. وفي حين أفرج عن البعض أفادت أنباء باعتقال أعداد كبيرة في الايام القليلة الماضية.وباستثناء النشطاء المدنيين ونشطاء حقوق الانسان والمحامين والصحفيين المعروفين فان شخصيات المعارضة ليست معروفة ولا تتوفر اي معلومات عن استراتيجياتها او قدرتها على تنظيم مظاهرات حاشدة.وقال المعلق السياسي رامي خوري "قوات الامن مرتبطة بصلة وثيقة بالنخبة والمظاهرات محدودة النطاق لكن كل هذا قد يتغير."وقال خشان "الوقت ليس مناسبا بعد للتغيير في سوريا