بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله
اما بعد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخوتي واخواتي الاعزاء مرحبا بكم واهلا
واسعد الله اوقاتكم بكل خير
ونور الله قلوبنا بالايمان والعمل الصالح
وتقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال وغفر لنا ولكم سيء الاعمال
الابتلاء في حياة المسلم
عنوان له صدى كبير تتفاعل فيه قلوب الاتقياء والاصفياء والانقياء من خلق الله
الابتلاء له معنى كبير في حياة العارفين بالله والمقبلين على الله والمحبين لله
الابتلاء يعصف بالمؤمن ولا يترك له قرار حتى يترقى قلبه الى مدارج الافلاك
ولكن قد يتسائل بعض الناس ويقولون :
هل الابتلاء دليل غضب الله ؟
هل الابتلاء دليل فساد عمل المبتلى ؟
هل الابتلاء دليل عدم محبة الله للمبتلى ؟
وما هي الحكمة من الابتلاء ؟
وفي الحقيقة انا لست اهلا لان اجيب عن هذه التساؤلات
فانا لست عالما ولا طالبا للعلم وانما انا مستمع للعلم
وسوف احاول بما اوتيته من علم ودراية ان ادور حول افلاك هذه التساؤلات والله المستعان
>>>
اذا قلبنا كتب التاريخ فسنرى كيف ابتلى الله الانبياء والمرسلين والصحابة والتابعين والسلف الصالح
من عهد ادم الى النبيى محمد عليهم افضل الصلاة والسلام
وانا لن اذكر تلك الصور المشرقة من حياتهم وصبرهم وجهادهم وتحملهم لانها متوفرة لمن ارادها
ولكن ساتطرق الى التساؤلات التي وضعتها في مستهل حديثي
الابتلاء ليس دليلا على غضب الله
فلو رجعنا الى معنى الابتلاء في اللغة العربية يعني الامتحان او الاختبار
فان شخصا لو عقد لك امتحان في امر ما فهذا ليس دليلا على غضبه عليك
وانما هو للتجريب والامتحان ليرى كم هو تحملك وكم هو جهدك وعطائك في ذلك الامر
اما ابتلاء الله فهو رحمة لنا وهو دليل حبه لنا وشفقته علينا
لان الابتلاء اما ان يكون سبب غفران الذنوب او رفع الدرجات وليس دليل غضب الله الغفور الرحيم
وكذلك هو ليس دليل فساد عمل المبتلى لان الانبياء عليهم السلام ابتلوا وكذلك الصحابة
فاذا كان الابتلاء بسبب فساد عمل المبتلى فما هي الفائدة من الابتلاء اذا ؟
لان الابتلاء هو سبب التنقية والتصفية للقلب والروح
وهو كما قلنا دليل محبة الله لنا كما يروى ان الله اذا احب عبدا ابتلاه
ويبتلى الانسان على قدر دينه وايمانه وتمسكه بالدين والعقيدة
فاشد الناس بلاءا الانبياء ثم الصحابة ثم الامثل فالامثل
قال صلى الله عليه وسلم " أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل يبتلى الرجل على قدر دينه فإن كان في دينه صلابة اشتد
بلاؤه وإن كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة "
واثناء الابتلاء تحدث مواقف يحار منها اللبيب بسبب غرابتها وطبيعتها
تحضرني قصة رجل كان له حمار يخدمه بقول هذه الرجل :
وصلت درجة الابتلاء عندي انني ركبت حماري يوما فلم يتحرك من مكانه
حاولت فيه ولكنه ابى فاذا ركبه غيري سار وتحرك من مكانه
واذا ركبته انا ابى ان يسير من مكانه
وكذلك تحضرني قصة شاب يدرس معي
هذا الشاب يسير على منهج الله كذلك اظنه ولا ازكي على الله احدا
هذا الشاب راى النبي صلى الله عليه وسلم اكثر من 3 مرات ربما ساذكر تفاصيل الرؤية في وقت اخر
وهو محافظ على الصلوات الخمس جماعة في المسجد وغاض للبصر عن النساء ولا يتكلم الا بخير
اني احبه كثيرا وارتاح له وعسى ان يجمعني الله واياه واياكم في الفردوس الاعلى
هذا الشاب كلما رآني في الكلية سالني سؤالا لا يسالني عنه احدا سواه
في كل يوم يسالني ويقول لي :
هل صليت صلاة الفجر اليوم في المسجد ؟
شخص في منتهى الجد والمصداقية وفي منتهى الاحترام والتقدير له مني تحياتي
هذا الشاب ابتلاه الله في دراسته بحيث انه لا يتوفق في معظم الامتحانات التي يدخلها
نسبة نجاحه بين 18% - 20 %
رايته حزينا ومتاسفا فاشفقت عليه وسحبته جانبا بعيدا عن الشباب فقلت له :
اخي لا تتعجب من نتيجة امتحاناتك فهذا ابتلاء ابتلاك الله به
وان الله اذا احب عبدا ابتلاه وامتحنه
واشكر الله ان الابتلاء لم يكن في دينك فانت في خير
فابتسم وشكرني
هناك الكثير ممن هم في مثل حالة صديقي واخي هذا
قد يبتلى الانسان في دينه فيرى العبادة صعبة ولها مشقة
قد يبتلى الانسان في دراسته فيرسب ولا يتوفق فيها
قد يبتلى الانسان في زوجته فلا يحدث الوفاق بينهما
قد يبتلى الانسان في اولاده فلا يسمعوا له قولا
قد يبتلى الانسان في ماله وجماله وبيته وسيارته ومركزه ومنصبه في الدنيا
ولكن في كل الحالات علينا ان نحقق شيئين حتى نعبر محيط الابتلاء سالمين :
1 - الصبر او الرضى وهناك فرق بينهما
الصبر هو التحمل والرضى هو الاحساس بان هذا البلاء انا استحقه بل انا استحق اكثر من ذلك وعدم الشكوى الى احد الابتلاء بمعنى
2 - محاولة اخذ اسباب زوال الابتلاء
بمعنى لا يجلس الانسان يقول الله ابتلاني وهذا قدري لا هذا خطا
الاسلام دين الاخذ بالاسباب ومحاولة حل المشكلة مهما كبرت وتعقدت
فليحاول من ابتلاه الله ان ياخذ باسباب الفرج ولا يياس من روح الله
فمثلا صديقي هذا لا يجب عليه ان يقف من حيث وصل وانما عليه ان يجتهد في دراسته ويعطي من وقته للعلم
حتى يصل الى مراتب المتفوقين ويزول عنه البلاء
>>>
اخيرا
الانسان مطالب ان يصبر على ما اصابه ولا يشكو الا الله ويحاول ان يخفف على اخوانه المبتلين ولو بكلمة او آية او حديث حتى يشعر المبتلى بانه في خير وان الله يحبه
ولرب نازلة يضيق بها الفتى **** ضرعا وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها ***** فرجت وكنت اظنها لا تفرج