| موضوع: العظة بالليل + رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة الأربعاء 5 أكتوبر - 18:57 |
| اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين روى البخاري في صحيحه قال: حَدَّثَنَا صَدَقَةُ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ هِنْدٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَعَمْرٍو وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ هِنْدٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنْ الْفِتَنِ وَمَاذَا فُتِحَ مِنْ الْخَزَائِنِ أَيْقِظُوا صَوَاحِبَاتِ الْحُجَرِ فَرُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ فِي الْآخِرَةِ
شرح الحافظ بن حجر للحديث الشريف من كتابه فتح الباري
قولــــه : ( صدقة ) هو ابن الفضل المروزي . قولــــه : ( عن هند ) هي بنت الحارث الفراسية بكسر الفاء والسين المهملة ، وفي رواية الكشميهني بدلها عن امرأة . قولــــه : ( وعمرو ) كذا في روايتنا بالرفع ، ويجوز الكسر ، والمعنى أن ابن عيينة حدثهم عن معمر ثم قال : وعمرو هو ابن دينار ، فعلى رواية الكسر يكون معطوفا على معمر ، وعلى رواية الرفع يكون استئنافا كأن ابن عيينة حدث بحذف صيغة الأداء وقد جرت عادته بذلك . وقد روى الحميدي هذا الحديث في مسنده عن ابن عيينة قال : حدثنا معمر عن الزهري ، قال : وحدثنا عمرو ويحيى بن سعيد عن الزهري ، فصرح بالتحديث عن الثلاثة . قولــــه : ( ويحيى بن سعيد ) هو الأنصاري ، وأخطأ من قال إنه هو القطان لأنه لم يسمع من الزهري ولا لقيه . ووقع في غير رواية عن أبي ذر " عن امرأة " بدل قولــــه عن هند في الإسناد الثاني . والحاصل أن الزهري كان ربما أبهمها وربما سماها . وقد رواه مالك في الموطأ عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن الزهري ولم يذكر هندا ولا أم سلمة . قولــــه : ( سبحان الله ماذا ) ما استفهامية متضمنة لمعنى التعجب والتعظيم ، وعبر عن الرحمة بالخزائن كقولــــه تعالى : ( خزائن رحمة ربك ) وعن العذاب بالفتن لأنها أسبابه ، قال الكرماني : ويحتمل أن تكون ما نكرة موصوفة . قولــــه : ( أنزل ) بضم الهمزة ، وللكشميهني " أنزل الله " بإظهار الفاعل ، والمراد بالإنزال إعلام الملائكة بالأمر المقدور ، أو أن النبي صلى الله عليه وسلم أوحي إليه في نومه ذاك بما سيقع بعده من الفتن فعبر عنه بالإنزال . قولــــه : ( وماذا فتح من الخزائن ) قال الداودي : الثاني هو الأول ، والشيء قد يعطف على نفسه تأكيدا ؛ لأن ما يفتح من الخزائن يكون سببا للفتنة ، وكأنه فهم أن المراد بالخزائن خزائن فارس والروم وغيرهما مما فتح على الصحابة ؛ لكن المغايرة بين الخزائن والفتن أوضح لأنهما غير متلازمين ، وكم من نائل من تلك الخزائن سالم من الفتن . قولــــه : ( صواحب الحجر ) بضم الحاء وفتح الجيم جمع حجرة وهي منازل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما خصهن بالإيقاظ لأنهن الحاضرات حينئذ ، أو من باب " ابدأ بنفسك ثم بمن تعول " . قولــــه : ( فرب كاسية ) استدل به ابن مالك على أن رب في الغالب للتكثير ؛ لأن هذا الوصف للنساء وهن أكثر أهل النار انتهى . وهذا يدل لورودها في التكثير لا لأكثريتها فيه . قولــــه : ( عارية ) بتخفيف الياء وهي مجرورة في أكثر الروايات على النعت ، قال السهيلي : إنه الأحسن عند سيبويه ؛ لأن رب عنده حرف جر يلزم صدر الكلام ، قال : ويجوز الرفع على إضمار مبتدأ والجملة في موضع النعت ، أي : هي عارية والفعل الذي تتعلق به رب محذوف . انتهى . وأشار صلى الله عليه وسلم بذلك إلى موجب إيقاظ أزواجه ، أي : ينبغي لهن أن لا يتغافلن عن العبادة ويعتمدن على كونهن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم . وفي الحديث جواز قول : " سبحان الله " عند التعجب ، وندبية ذكر الله بعد الاستيقاظ ، وإيقاظ الرجل أهله بالليل للعبادة لا سيما عند آية تحدث .. وفي هذا الإسناد رواية الأقران في موضعين : أحدهما ابن عيينة عن معمر ، والثاني عمرو ويحيى عن الزهري وفيه رواية ثلاثة من التابعين بعضهم عن بعض في نسق . وهند قد قيل إنها صحابية فإن صح فهو من رواية تابعي عن مثله عن صحابية عن مثلها ، وأم سلمة هي أم المؤمنين ، وكانت تلك الليلة ليلتها . وفي الحديث استحباب الإسراع إلى الصلاة عند خشية الشر كما قال تعالى : ( واستعينوا بالصبر والصلاة ) وكان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة ، وأمر من رأى في منامه ما يكره أن يصلي ، وفيه التسبيح عند رؤية الأشياء المهولة ، وفيه تحذير العالم من يأخذ عنه من كل شيء يتوقع حصوله ، والإرشاد إلى ما يدفع ذلك المحذور .
والله أعلم .
|
|