السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان الا على الظالمين
الحمد لله رب العالمين حمدا يليق بجلاله وعظيم سلطانه
الحمد لله الذى خلق السموات والارض وجعل الظلمالت والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون
الحمد لله رب العالمين قيوم السموات والارضين وخالق الخلق اجمعين ورازقهم فما من دابة فى الارض الا على الله رزقها يعلم مستقرها ومستودعها كل فى كتاب مبين
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم خير من صلى وصام وعبد وقام وطاف بالبيت الحرام وعلى اله وصحبه وسلم ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين
وبعد...
من نعم الله علينا بان جعل الاسلام دينا شاملا كاملا متكاملا فأن الاسلام لم يترك شيئا ولم يضع أمر الا وتكلم فيه ووضع له أحكامه الذى تناسبه حتى تسير الحياة الى قيام الساعة ومن أجل ذلك سوف أتدرج من خلال حديثى معكم فى خلال عدة محاور الا وهى:
حكم المظاهرات فى الشريعة السمحاء والخروج على الحاكم وان كان ظالما فاجرا
اصلاح النفس قبل اصلاح الحاكم
وأعلم أخى الكريم أن المسلم الصادق مع نفسه ومع ربه قبل ان يقدم على اى عمل عليه أن يحدد موقفه تجاه كل قضيه تمر به عليه ان يقرر بدقه مبلغه من العل م الذى يؤهله أن يتخذ قرارا يبنى عليه اعتقاد او عمل سيوضع فى ميزانه أمام الله عز وجل يوم العرض الاكبر وسوف تؤخذ نتائجه له أو عليه وسيحمل على ظهره حسنات أو سيئات نفسه وكل من اتبعه فى هذا القرار
فالمسلم مطالب اولا بأن يعلم الاصول الثابته والاطار الوحيد الذى يتغى به طوق النجاة هو القرأن والسنة النبوية الصحيحه بفهم سلف الامة
وعلى هذا فأنه لا تحل بالمسلمين نازلة الا وفى الكتاب والسنة وأفهام سلف الامة الجواب الباهر والحجة الدامغه البينه وها نحن الان فى نازلة من ادهى النوازل أحاول بعون الله وتوفيقه أن اجلى وأوضح فيها أقوال اهل العلم الربانيين وما قرره اهل العلم من الاصول والقواعد المستمدة من الوحى ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حى عن بينه وانا لا أقول لكم أن قولى فيها هو كذا وكذا ولكن أقول عليك اخى الكريم أن تتحرر من القيود والعصبية وتجرد لله ودع الهوى وآراء الرجال وأنصف من نفسك وهيئ قلبك لقبول الحق ون كانت النفس تخالفه ورد الباطل وان كانت النفس تألفه واعلم أن الامر دين وما ابتغيت بهذه السطور الا تذكرة نفسى واياكم
حكم المظاهرات فى الاسلام والخروج على الحاكم وان كان ظالما فاسقا
تدبروا معى هذه الاحاديث وستعلمون الحكم ان شاء الله
حدثنا جرير عن الأعمش، عن زيد بن وهب، عن عبد الله.
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنها ستكون بعدى أثرة وأمور تنكرونها).
قالوا: يا رسول الله! كيف تأمر من أدرك منا ذلك؟ قال (تؤدون الحق الذى عليكم. وتسألون الله الذى لكم).
هذا من معجزات النبوة وكأن النبى عايش معنا الان ويرى ما يحدث
وفيه الحث على السمع والطاعة وإن كان الحاكم ظالما عسوفا فاسقا، فيجب على المؤمن فى هذا الحالة أن يعطى الحق الذى عليه من الطاعة ولا يخرج على الحاكم . بل يتضرع إلى الله تعالى فى كشف أذاه ودفع شره وإصلاحه
وأما الخروج عليهم وقتالهم فحرام بإجماع المسلمين وإن كانوا فسقة ظالمين
وفى الحديث الاخر
عن ابن عباس رضى الله عنهما قال : " من كره من أميره شيئا فليصبر فأنه من خرج من السلطان شبرا مات ميتة جاهلية "
وعن اسيد ابن حصير ان رجلا أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال : " يا نبى الله أرأيت ان قامت علينا أمراء يسألونا حقهم ويمنعونا حقنا ؟ فأعرض عنه ثم ساله فأعرض عنه ثم سأله فى الثانية او الثالثة فجذبه الاشعث بن قيس وقال " اسمعوا واطيعوا فانما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم "
وعن عبد الله بن عبد رب الكعبة قال : دخلت المسجد فاذا عبد اله بن عمرو بن العاص جالس فى ظل الكعبة والناس مجتمعون عليه فأتيتهم فجلس ت اليه فقال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سفر فنزلنا منزلا فمنا من يصلح خباءه ومنا من ينتضل ومنا من هو فى جشره اذا نادى منادى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة جامعة فاجتمعنا الى رسول الله صلى اله عليه وسلم فقال:" انه لم يكن نبى قبلى الا كان حقا عليه ان يدل امته على خير مايعلمه لهم ويذرهم شر ما يعلمه لهم وان امكم هذه جعل عافيتها فى أولها وسيصيب أخرها بلاء وأمور تنكرونها وتجئ الفتن فيرقق بعضها بعضا وتجئ الفتنة فيقول المؤمن هذه مهلكتى ثم تنكشف وتجئ الفتنة فيقول المؤمن هذه هذه ، فمن احب ان يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الاخر ، وليأتى الى الناس الذى يحب أن يؤتى اليه ، ومن بايع اماما فاعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه ان استطاع فان جاء اخر فضربوا عنق الاخر "
قال الحافظ ابن البطال فى الحديث حجة فى ترك الخروج على السلطان ولو جار وقد اجمع اهل الفقه على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه وان طاعته خير من الخروج عليه لما فى ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء الا اذا وقع من الالسلطان او الحاكم الكفر الصريح فلا تجوز طاعته فى ذلك بل تجب مجاهدته لمن قدر على ذلك
وقال الامام النووى حفظه الله فى شرح مسلم : وفى الحديث الحث على السمع والطاعة وان كان المتولى ظالما عسوفا فيعطى حقه من الطاعة ولا يخرج عليه ولا يخلع بل يتضرع الى الله تعالى فى كشف ضره واذا ودفع شره واصلاحه
وجاء فى الاثر عن الامام احمد ان اناسا جائوا اليه فقالوا يا أبا عبد الله ان الامر قد تفاقم وفشا " يقصدون بذلك فتنة خلق القرأن" فقال لهم ابو عبد الله فماذا تريدون ؟ قالوا: ان نشاورك فى انا لسنا نرضى بامراته ولا سلطانه فناظرهم ابو عبد الله ساعة وقال لهم : عليكم بالنكرة بقلوبكم ولا تخلعوا يدا من طاعة ولا تشقوا عصا المسلمين ولا تسفكوا دمائكم ودماء المسلمين معكم انظروا فى عاقبة أمركم واصبروا حتى يستريح بر أو يستراح من فاجر
ومما سبق يدل على ان الواجب على المسلم ان يصبر على فساد الراعى او الحاكم وجوره وان فعل وفعل
وان كل ما اوجب فتنة وفرقة بين الناس ليس من الدين سواء كان قولا او عملا وعلى المصاب ان يصبر على الفتنة ويصبر على جهل الجهول وظلمه
اصلاح النفس قبل اصلاح الحاكم
( كيفما تكونوا يولى عليكم)
من الواقع المرير وما يدمى القلب أن يشتغل عوام الناس فى اعمالهم ومجالسهم بقضايا السياسة والطعن فى الامراء والحكام ولو تدبر كل عاقل منا فى الامر لعلم أين الداء والدواء
نعم ... فالرعية والمحكومين نموذجا مصغرا من الحكام فاذا أردت ان تعرف الرعية فانظر الى الحاكم فحكمة اله تأبى ان يولى على الناس الا أمثالهم قال تعالى " وكذلك نولى بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون " قال قتادة انما يولى الله الناس باعمالهم فالمؤمن ولى المؤمن اين ككان وحيث كان والكافر ولى الكافر اينما كان وحيثما كان ، ليس الايمان بالتملى ولا بالتحلى
وقال اب كثير حفظه الله : كذلك نفعل بالظالمين نسلط بعضهم على بعض ونهلك بعضهم ببعض وننتقم من بعضهم ببعضض جزاء على ظلمهم وبغيهم
واذا نظرت اخر الكريم ايضا علمت تمام العلم وتيقنت تمام اليقين ان ان ما يصيب الناس ببض ذنوبهم وان الفساد والفتن التة نحن فيها انا هى من ذنوبنا وافعالنا الخالفة للشرع الحكيم والنور المبين
قال تعالى " ظهر الفساد فى البر والبحر بما كسبت ايدى الناس ليذيقهم بعض الذى عملو لعلهم يرجعون "
والمتأمل فى الاية الكريمة يعلم تمام العلم وتين ذلك ان هذا بسب ذنوبنا ولم يكسف عنا الا بتوبه وبرجوع كما ذكر الله تعالى
وكما قيل ما نزل بلاء الا بتوبه وما رفع الا بذنب
وتأمل معى هذا الحديث الجليل
اخرج ابن ماجة والحاكم وصححه الالبانى فى صحيحه عن بن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم قال :" يا معشر المهاجرين خصال خمس اذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن : لم تظهر الفاحشة فى قوم قط حتى يعلنوا بها الا فشا فيهم الطاعون والاوجاع التى لم تكن فى اسلافهم ولم ينقصوا المكيال والميزان الا واخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان عليهم ولم يمنعوا زكاة أموالهم الا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا ، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله الا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا بعض ما كان فى ايديهم ومالم تحكم أئمتهم بكتاب الله عز وجل ويتحروا فيما أنزل الله الا جعل اله بأسهم بينهم"
وتدبر مع الاسطر التالية التى تكتب بماء الذهب من الامام القيم " ابن القيم " ( وتامل حكمته تعالى فى ان جعل ملكا للعباد وأمرائهم وولاتهم من جنس اعمالهم ، بل كأن أعمالهم ظهرت فى صور ولاتهم وملوكهم ، ان استقامو استقامت ملوكهم وان عدلوا عدلت عليهم وان جاروا جارت ملوكهم وولاتهم وان ظهر فيهم المكر والخديعه فولاتهم كذلك أمكر وأخدع وان منعوا حقوق الله لديهم وبخلوا بها منعت ملوكهم وولاتهم ما لهم من الحق وبخلوا به عليهم وان اخذوا ممن يستضعفون مالا يستحقونه فى معاملتهم أذخت منهم الملوك مالا يستحقونه وضربت عليهم المكوس والضرائب وليست الحكمة الالهية أن يولى على الاشرار الفجار الا من يكون من جنسهم )
وحتى لا اطيل عليكم اكثر من ذلك اقول لكم ان ما علينا فى مثل هذه الفتن هو:
- الصبر ولزوك جماعة المؤمنين واميرهم
- الدعاء فأن الدعاء من أعظم الاسلحة لكشف الفتن والابتلائات
- النصح لولاة الامور والحكام بالحكمة والموعظه الحنه وباللين وبما يتناسب مع قدرهم من باب قوله صلى الله عليه وسلم " انلزوا الناس منازلهم " وقوله " الدين النصيحه "
- اللجوء والعودة الى الله تعالى حتى يكشف عنا ما بنا من كرب
واخيرا أن الكلام لكثير والاحاديث الواردة كثيره ولكن علينا بالفعل ولم ارد ان اطول اكثر من ذلك
واعلموا أن ما كان من توفيق فمن الله وما كان من خطأ أو نسيان فمنى ومن الشيطان والله ورسوله منه براء وأعوذ بالله أن اذكركم به وأنساه وأن اكون جسرا تعبرون به الى الجنه ثم يلقى به فى النار
وأسف جدا جدا على الاطاله
وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين