دعوة أهل السنة في اليمن
الشيخ محمد بن عبد الله الإمام حفظه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
عندنا كلمة حول دعوة أهل السنة في اليمن وذكر بعض المشايخ وعلى وجه الخصوص مجدد هذه الدعوة وهو والدنا وشيخنا العلامة مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله وذكر بعض المشايخ.
دعوة أهل السنة في اليمن لها علماء يقومون بها ويُرجع إليهم في شؤونها وقضاياها وتجديد دعوة أهل السنة والجماعة في اليمن تحقق على يد شيخنا ووالدنا العلامة المحدث أحد كبار أئمة الحديث والجرح والتعديل في عصرنا هذا وهو مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله وجعله في عليين مع النبيين والصديقين والشهداء و الصالحين.
لما جاء شيخنا من أرض الحرمين استمر يواصل التعليم والدعوة ففتح الله عز وجل عليه فتحاً عظيماً ونصره الله نصراً كبيراً، وهيأ الله له من أسباب الخير والتأييد والتعاون ما به قامت هذه الدعوة المباركة دعوة أهل السنة والجماعة
ودعوة أهل السنة والجماعة هي دعوة الله ورسوله وتجديدها في اليمن هو على ما كان عليه الرسول عليه الصلاة والسلام وصحابته الكرام ومن تبعهم بإحسان وقد قال شيخنا الوادعي رحمه الله: لم تنتشر السنة في اليمن من عهد عبد الرزاق الصنعاني كما انتشرت في هذا العصر. يعني: في عصره. ولو عاش شيخنا إلى هذا الوقت لكان أكثر سرورا وانشراحاً لاستمرارية هذا الانتشار وكثرة الإقبال على هذه الدعوة المباركة.
وشيخنا الوادعي رحمه الله بذل وسعه في سبيل إحياء سنة النبي عليه الصلاة والسلام ونشره بين الناس، فما مات إلا وقد تحقق خير كثير بحمد الله، وكان شيخنا إمام ملة، وإمام أمة، ولهذا واجه دعاة الباطل والفتن على مختلف أصنافهم، وقام بما قدر عليه ويُسر له من التحذير والبيان والإيضاح للشرور وأهلها بالتأليف، فلم يكن شيخنا رحمه الله مجدداً في فن من فنون العلم الشرعي بل كان ساعياً في الإصلاح في كل المجالات حسب القدرة والتيسير، وله مؤلفات كثيرة تزيد على خمسين مؤلفاً جلها في علم الحديث، وهو يعتني بالتصحيح، وهو يُعد من علماء الحديث في هذا العصر، بل ما نعلم بعد الألباني أعلم بالحديث منه رحمه الله تعالى في وقته، وكتبه الكبار أكثرها على طريقة أهل الحديث، وهي تعد مراجع عظيمة للمسلمين، وأقام الله على يديه دار الحديث بدماج التي تعد الدار الوحيدة في هذا العصر التي أسست، لا يوجد لها نظير في أنحاء العالم، ومنها انتشر العلم، وانطلق طلاب العلم إلى الآفاق، والحمد لله رب العالمين، وشيخنا رحمه الله عرف بالصبر وعرف بالزهد في الدنيا والإقبال على ما عند الله وعرف بالشجاعة وبالصدع بالحق وعرف بعدم الانتقام للنفس، كان يتكلم على متكلمون ويرد عليه مبطلون، فلا يرد عليهم، وقل أن تتحقق هذه الخصلة في عالم، وهي التجرد التام للحق، وأن الشخص إنما ينصر دين الله، أما ما تعلق بشخصيته فإنه لا يشغل نفسه بذلك، إلا بقدر ما تستدعي الحاجة الملحة، ألف أحد تلامذته العاقين ألا وهو محمد بن موسى العامري كتاباً لفلف فيه وجمع فيه ما يحلو له من التلبيس على والدنا وعلينا، إنما هو على والدنا في الدرجة الأولى، فطُلب من شيخنا أن يرد عليه، فأقسم بالله أنه لن يرد عليه، وقال: يموت البيضاني ويموت كتابه، فمات الكتاب وبقي الرجل كالميت، يجمع الأموال ويهرع ورائها من مكان إلى آخر، أعني: البيضاني.
فعلى كل: هذه من صفاته العظيمة التجرد التام عن الهوى والحمد لله ما مات الشيخ إلا وقد انتشرت الدعوة، وكان الخصوم ينتظرون موته، من أجل أن ينالوا من الدعوة ومن طلابه، وجدوا أنهم ما أثرت مؤاذاتهم واتهامهم على شيخنا ودعوته التأثير الذي يريدون فانتظروا موته وبعد ذلك يسعون في الإفساد، فمات الشيخ رحمه الله، وحاول من حاول ولكن الله عز وجل سلم، وحفظ الدعوة، وبقيت منتشرة والإقبال عليها يزداد يوماً بعد يوم، والحمد لله حصل أن أبا الحسن أثار له في داخل الدعوة فتنة ولكن حفظ الله الدعوة وأضر أبو الحسن بنفسه والدعوة حفظها الله وبقيت، والحمد لله.
وفي مقامي هذا سأذكر بعض ما يتعلق بوالدنا وشيخنا العلامة محمد بن عبد الوهاب الوصابي والشيخ العلامة الحجوري والشيخ عبد الرحمن العدني.
معلوم أن شيخنا ووالدنا الوادعي رحمه الله أوصى بوصية عرفت بالمشرق والمغرب وفي هذه الوصية أن أهل السنة إذا أشكل عليهم أمر أو اختلفوا في شيء من أمور الدعوة فليرجعوا إلى أشخاص ذكرهم بأسمائهم في وصيته ومنهم والدنا الشيخ محمد والشيخ يحيى والشيخ عبد الرحمن العدني
ونحب أن نذكر نبذة مختصرة لكل واحد منهم:
أما والدنا الشيخ محمد بن عبد الوهاب حفظه الله فقد عرفته شيخاً وما قد طلبت العلم عرفته شيخا يدعو إلى الله و يواجه الفتن ويحذر من الضلالات والخرافات والشركيات وغير ذلك، فله في الدعوة عمر ودهر حفظه الله وهو سائر في نشر الدعوة إلى الله، فلي منذ أن دخلت في طلب العلم إلى الآن ما يربو على ستة وعشرين سنة، و كما سمعت أن الشيخ محمد حفظه الله كان قبلنا في الدعوة إلى الله، فلهذا هو أكبر منا سناً وعلماً.
والشيخ محمد بن عبد الوهاب حفظه الله عنده ثبات عظيم وصبر كبير واستمرارية في الخير في الدعوة إلى الله وعنده سير سديد وتمسك قويم بحمد الله رب العالمين وهذا الرجل من فضل الله عز وجل عليه أنه كلما جاءت فتنة لم يكن من ضحاياها، بل ينجو، ويسلم، بل ويحرص على أن يحذر إن كان ذلك مما يستدعيه الوقت والحال، فقد مرت وجاءت فتن كثيرة وهو بحمد الله يواجهها بعلم وحلم، فقد نجا وابتعد عن دعوة جهيمان وما دعا إليه إلى تلك الفتنة العظيمة في الشر من أن القحطاني هو المهدي، ومن السعي في التكفير، إلى آخر ما حصل منهم، كذلك جاءت الحزبية، فحذر منها، حزبية الإخوان المسلمين، وحزبية الانتخابات والديمقراطية ولم يكن ممن تنطلي عليه، ويقرب منها، أو يسير في شيء من فلكها، وجاءت الدعوة السرورية المنسوبة إلى محمد بن سرور الملقب بزين العابدين والحمد لله كان من المحذرين منها، وجاءت فتنة أبي الحسن كذلك أيضاً كان موقفه كما يعلمه كثير منكم، موقفاً عظيماً نافعاً لهذه الدعوة والحمد لله، وغير ذلك من الأمور، بل له خمسون مأخذا على السرورية، وخمسون مأخذا على حزب الإخوان، وخمسون مأخذا على جماعة التبليغ، وله رسالة «تحذير السلف من أهل البدع» وله عدة رسائل أجلها «القول المفيد» الذي يدرس عندنا هنا في دار الحديث بمعبر ويدرس في أماكن شتى من بلاد المسلمين، فقد نفع الله به كما سمعتم نفعاً عظيماً ولا يزال مستمراً على هذا الخير تعليماً ودعوة وتأليفا وتحقيقاً ولله الحمد والمنة.
نسأل الله أن يمن علينا وعليه وعلى جميع المسلمين بالثبات على الحق
هذا باختصار ما تعلق بوالدنا العلامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب الوصابي العبدلي حفظه الله
وننتقل إلى ذكر نبذة متعلقة بأخينا العلامة الشيخ يحيى بن علي الحجوري حفظه الله وهو خليفة والدنا وشيخنا مقبل بن هادي الوادعي
أخونا الشيخ يحيى حفظه الله اختاره الشيخ خليفة له وعينه والحمد لله الشيخ يحيى مقبل إقبالاً عظيماً على التعليم وعلى المحافظة على دار الحديث بدماج، وقد كان الطلاب في عهد الشيخ ما بين الألف و السبعمائة ثم كثروا وصاروا بالآلاف، ففي هذا الوقت صاروا أضعافاً ولله الحمد والمنة، والشيخ يحيى عنده همة عالية في التعليم، وهذا يعد من أسباب النجاح في التعليم، ونشر العلم، وإفادة الطلاب فهو مهتم في التعليم بدار الحديث وقائم بهذه الدار العظيمة، ولا شك أن ما يقوم به عبء ثقيل يعجز عنه عشرات الرجال، فنسأل الله أن يعينه على كل خير، فهو خليفة شيخنا والقائم بدار الحديث بدماج تعليماً وتربية ومحافظة إلى غير ذلك مما يحتاج إليه، ومعه إخوانه يتعاونون معه جزاهم الله خيراً ووفقهم الله.
كذلك أيضاً الشيخ يحيى حفظه الله مقبل على التأليف فله مؤلفات كثيرة ونافعة وهي مبنية على الاعتماد على الكتاب والسنة وما عليه السلف على الدليل والبرهان وعلى الصحة والحمد لله فله ما بين رسائل وما بين شرح وتحقيق وتأليف ما يربو على خمسين كتاباً ورسالة وهذا من فضل الله سبحانه وتعالى.
فلله الحمد والمنة دار الحديث بدماج عامرة بالعلم والتعليم والتأليف والبحث والتحقيق فهذا من فضل الله رب العالمين وهي تعد لا نظير لها في العالم وهي الأم لبقية دور الحديث في اليمن.
فهذا بعض ما تعلق بأخينا الشيخ يحيى حفظه الله وبارك فيه
ونأتي إلى نبذة مختصرة تتعلق بأخينا الشيخ الفاضل عبد الرحمن العدني حفظه الله
عبد الرحمن العدني جعله شيخنا الوادعي من المشايخ الذين يرجع إليهم عند حصول اختلاف أو أمر يهم الدعوة، وهو لا يزال والحمد لله على الخير وقد استمر في دار الحديث بدماج ودرس في العقيدة والفقه وله شروح طيبة لبعض المواضيع في الفقه وعنده علم غزير كما يعلم ذلك من يحضر دروسه في الفقه وفي غيرها وقد ذكره الشيخ يحيى حفظه الله في كتاب الطبقات وذكر أن عنده علماً واسعاً أو بهذا المعنى، والشيخ عبد الرحمن والشيخ يحيى ما جاءا إلى دماج إلا بعد أن انتقلت منها إلى ها هنا فلهذا لم نتزامل في طلب العلم عند والدنا الشيخ مقبل رحمه الله تعالى.
والشيخ عبد الرحمن ما يزال مستمراً في أموره ما يتعلق بالدعوة وما يتعلق بالتعليم وبالشروح والحمد لله رب العالمين، وهو من علماء أهل السنة بلا شك ولا ارتياب، ومما أحب أن أذكره أنه قبل مدة قصيرة تكلم في بعض المحاضرات ودعا إلى التمسك بالكتاب والسنة مع البعد عن الدعوات المشبوهة والدعوات الحزبية المغلفة بالجمعيات وبغيرها مما تغلف به الحزبيات فكان كلامه طيباً وكان مما قاله وحذر منه أن حذر من حزب الإخوان المسلمين الذين كان يسميهم شيخنا – وهو مصيب في ذلك – حزب الإخوان المفلسين، هم مفلسون خصوصاً في باب السياسة، وكذلك أيضاً حذر من السرورية، ومن المتعصبين لأبي الحسن الماربي، وحذر من أصحاب الجمعيات، لأنه قد عرف أن بعض أصحاب الجمعيات إنما جعلوا الجمعيات ستاراً للتحزيب كأصحاب جمعية الحكمة وأصحاب جمعية الإحسان هؤلاء ممن عرفوا أنهم جعلوا الجمعيات ستاراً للتحزيب كان شيخنا الوادعي يقول في هؤلاء: حزبيتهم مغلفة، ثم ظهرت المغلفة وأظهروا ما عندهم وصاروا ذيلاً لحزب الإخوان المسلمين فهذا البيان في مثل هذا الوقت طيب وينبغي أن يكرره ما بين الحين والآخر من أجل أن تحصل الفائدة أكثر لأنه لما حصل شيء من الخلاف ظن بعضهم أن الشيخ عبد الرحمن ما بقي عنده على ما كان عليه قبل الخلاف من حرص على الصفاء والنقاء في الدعوة وإبعاد الدعوة عن الشبه وعن الأمور الحزبية ونحن بحمد الله ما نعلم عنه إلا خيراً من سابق ومن لاحق، ولكن مثل هذا الكلام في مثل هذا الوقت يعد نافعاً ومنفراً لمن يريد أن يصطاد في الماء العكر كما يقال، وأن الشيخ عبد الرحمن ما صار على ما كان عليه من سابق وأنه وأنه بل بعضهم ظن أن الشيخ عبد الرحمن لما حصل شيء من الخلاف أنه سيرتمي بين حزب الإخوان أو بين السروريين أو كذا ولكن كل هذا لم يكن بل بحمد الله الاستمرارية في المحافظة على الدعوة فهذا من فضل الله وينبغي أن هذا الكلام يكرر ما بين الحين والآخر حسب الحاجة والداعي إلى ذلك ولا شك ولا ريب أن الذين يحاولون أن ينالوا من دعوتنا وأننا نسكت عنهم من أجل أن يقتربوا وأن ينالوا ويقتنصوا من دعوتنا
فالتحذير من الأحزاب ودعاة البدع ودعاة التحزب وأصحاب الجمعيات المتحزبين ما بين الحين والآخر هذا أمر مهم ونافع حسب الحاجة والداعي إلى ذلك
سمعتم هذه النبذة عن هؤلاء المشايخ الثلاثة وكما تعلمون أنه قد جرى شيء من الخلاف بين هؤلاء الثلاثة حفظهم الله لكن ينبغي أن يكون عندنا معرفة بأن ما قد يحصل بين عالم وعالم من أهل السنة أن هذا لا يكون ذريعة ولا باباً ولا مفتاحاً للطعن في علماء أهل السنة باعتبار أن فلان قد اختلف مع فلان أو فلان تكلم في فلان فمن ثبتت سنيته فهو باق على ذلك حتى يثبت خلافها من قبل من يرجع إليهم من أهل العلم، وإلا فيحصل ما بين الحين والآخر أن يختلف عالم وعالم، هذا ما هو غريب علينا ولا أمر غريب على المسلمين ولا على دعوتنا هذا يحصل كما سمعت ولهذا لابن تيمية كلام هنا قليل لكنه جيد رأيت أن أقرأه عليكم من أجل أننا تكون أفهامنا قريبة أو مأخوذة مما عند أهل العلم الكبار الذين يعدون مرجعية عظمى فيما يتعلق بالضوابط والتوجيه قال ابن تيمية رحمه الله تعالى في منهاج السنة النبوية (4/271) هذا الكتاب عظيم جداً وفيه من الفوائد ما لا يحصى قال: «ومما يتعلق بهذا الباب أن يعلم أن الرجل العظيم في العلم والدين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى يوم القيامة أهل البيت وغيرهم قد يحصل منه نوع من الاجتهاد مقرونا بالظن ونوع من الهوى الخفي فيحصل بسبب ذلك مالا ينبغي اتباعه فيه وإن كان من أولياء الله المتقين
ومثل هذا إذا وقع يصير فتنة لطائفتين طائفة تعظمه فتريد تصويب ذلك الفعل واتباعه عليه وطائفة تذمه فتجعل ذلك قادحا في ولايته وتقواه بل في بره وكونه من أهل الجنة بل في إيمانه حتى تخرجه عن الإيمان وكلا هذين الطرفين فاسد»
وقال ابن رجب رحمه الله تعالى في كتابه «جامع العلوم والحكم» ص(477): «وهاهنا أمر خفي ينبغي التفطن له، وهو أن كثيراً من أئمة الدين قد يقول قولا مرجوحا ويكون مجتهدا فيه ، مأجورا على اجتهاده فيه ، موضوعا عنه خطؤه فيه ، ولا يكون المنتصر لمقالته تلك بمنزلته في هذه الدرجة ؛ لأنه قد لا ينتصر لهذا القول إلا لكون متبوعه قد قاله ، بحيث أنه لو قاله غيره من أئمة الدين ، لما قبله ولا انتصر له ، ولا والى من وافقه ، ولا عادى من خالفه ، وهو مع هذا يظن أنه إنما انتصر للحق بمنزلة متبوعه ، وليس كذلك ، فإن متبوعه إنما كان قصده الانتصار للحق ، وإن أخطأ في اجتهاده ، وأما هذا التابع ، فقد شاب انتصاره لما يظنه الحق إرادة علو متبوعه ، وظهور كلمته ، وأن لا ينسب إلى الخطأ ، وهذه دسيسة تقدح في قصد الانتصار للحق ، فافهم هذا ، فإنه فهم عظيم ، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم»
فكما سمعتم يحصل ما بين الحين والآخر بين عالم وعالم من أهل السنة شيء من الخلاف وحقيقة ما ينبغي أن يكون أن المسائل هذه ترد إلى العلماء، والعلماء ينصحون لبعضهم بعضاً وينظرون في القضايا وما قاله العلماء يصار عليه، أما أن يؤخذ بكلام هذا في هذا، وهذا في هذا، ويصير كلام المتكلم معمول به ويصار عليه دون الرجوع إلى أهل العلم أيش عندهم وكيف القضية وماذا يرون وهذا الحاصل فهذا مما يؤدي إلى ما حذر منه ابن تيمية، يعني أن يحصل تعصب للشخص وكأنه لا يخطئ ويحصل طعن في الآخر بما يكون فيه من تجاوز ومن ، ومن إلى آخره.
فنحن طلاب علم – رحم الله والدنا وشيخنا الوادعي- قال في رسالته «هذه دعوتنا» في أحد بنودها قال: «إنا نقبل التوجيه والنصح ونحن طلبة علم نعلم ونجهل ونصيب ونخطئ» هذا شيء لا ينبغي أن نتغافل عنه أننا نصيب ونخطئ فيما نتكلم فيما نجتهد فيما نقرر والعصمة لأنبياء الله ولرسله، ولاشك أن الشخص بقدر ما يتحرى يصيب، فلهذا إصابة علماء أهل السنة كثيرة وأخطائهم قليلة لكن لا يسلمون من الأخطاء خصوصاً في المسائل التي فيها اجتهاد وكلام الشخص في الآخر خصوصاً في علماء أهل السنة هذا يكون فيه اجتهاد في أمور في كلمات في قضايا قد تفهم على غير أمرها أو تعالج بغير علاجها إلى غير ذلك
فأنصح لنفسي أولا ولإخواني ثانياً أن يكون عندنا غيرة على علماء أهل السنة، ومن غيرتنا عليهم أننا نصون ألسنتنا فلا نطعن فيهم، ولا نطلق ألسنتنا وما هو حاصل من العالم في العالم الآخر، ومن هذا في ذاك لا نجعله دليلا لنا على أننا نطعن، نقول هذا مرده إلى العلماء، ينظرون في هذه القضايا وما رأوه يوجهونا به، هذه القضايا أكبر من حجم الطلاب، وفي نفس الوقت لا يحسن الطلاب فهمها على الوجه السديد، ولا ينبغي أن يشغلوا بها، وكذلك أيضاً أنه ما بين الحين والآخر يحصل شيء من الخلاف ولهذا رحم الله ابن الوزير حينما قال:
وجدال أهل العلم ليس بضائري ما بين غالبهم إلى مغلوب
يحصل الجدال ويحصل الخلاف هذا ما هو أمر غريب، فما يسهل علينا أن نحطم دعوتنا من أجل أنه حصل شيء من الخلاف.
فكما سمعتم نوطن أنفسنا على أننا ما نسلم وأنه في أوساطنا من يحاول يثير الفتن، ومن يحاول كذا، فما سنسلم، فمن لم يكن موطناً نفسه فيحطم دعوته ويحطم أخوته مع إخوانه ويدخل في أمور لا تكون من صالحه ولا من صالح دعوته.
والحمد لله أن كثيراً من أهل السنة صار عندهم قبول لما يوجه إليه المشايخ من البعد عن الخوض في هذا الخلاف وما يوجه إليه المشايخ من صيانة الألسن وعدم الطعن في المشايخ هؤلاء الذين ذكرناهم، والمطلوب بقاء الأمور على ما كانت عليه قبل الخلاف وهذا الذي هو حاصل أمر على سبيل الإصلاح بإذن الله رب العالمين حتى لو لم يصطلح فلان مع فلان لا يعني أننا نضيع دعوتنا وأننا ندخل في شيء ما أذن لنا ولا دعينا إليه. فمتى كان طلاب العلم راجعين إلى العلماء فاعلم أنهم على خير وسداد ومتى كان من طلاب العلم من يتكلم حسب ما يندفع إليه ويهواه فهذا يضر بنفسه أولاً فأنصح له على أنه يحرص على ما هو نافع ويحرص على الآداب والأمور الطيبة والدعوة بحمد الله رب العالمين فيرى على خير ولله الحمد والمنة
فلهذا كما سمعتم نصون ألسنتنا ومن وجدناه ممن تأثر له بشريط بملزمة بكذا من وجدناه يطعن نقول له ما نرضى لك بهذا ونخشى أن يأتي العالم هذا الذي طعنت فيه يوم القيامة وأن يحاججك بما تقوله فيه فماذا أنت قائل وماذا ستقول وكما تسمعون وكما ترون أن العلماء هؤلاء الذين ذكرناهم على السنة وقائمين بالسنة دعوة إليها وعملا بها ودفاعا عنها وتحذيرا من الفتن ومن الحزبية أيش نزيد نقول فيهم حزبيين وإلا أهل بدع أو كذا إلى آخره
فهذا الكلام لن يكون سديداً أبداًَ فالشخص يصون لسانه وينتبه على نفسه ويذكر أن كلا سيلقى ربه وأن الشخص مسئول عما يقوله فليسدد ويقارب ويحرص على ما هو نافع ويقبل التوجيهات من أهل العلم توجيهات المشايخ فيما يتعلق بالبعد عن المهاترات وعن الجدال وعن الخلاف اقبل هذا فهذا من صالحك ونافع لك بحمد الله رب العالمين.
وبالنسبة لي أنا لإخواني المشايخ إن شاء الله بإذن الله أننا ما نرى إلا أنهم على خير وما يحصل من خطأ يحتاج إلى تناصح هذا الذي ينبغي أن يحرص عليه التناصح التشاور والحمد لله هذا حاصل التناصح يحصل ما بين الحين والآخر والحمد لله
ونسأل الله الثبات والتوفيق من عنده ونطلب منكم أن تدعو لمشايخ السنة بالتوفيق والسداد وصلاح الحال
فمن كان محباً لهذه الدعوة ولانتشارها أكثر وثباتها فإنه عندما يسمع شيء من الخلاف يكون سعيه هكذا أنه يحرص على ما ينفع من قبله هو يكون حريصا على ما يشارك في النفع لا يشارك في أمر لا يخدم الدعوة ولا تصلح به الأمور.
أسأل الله بمنه وكرمه وفضله وإحسانه أن يوفقنا جميعاً إلى كل خير وأن يدفع عنا كل ضير ولا حول ولا قوة إلا بالله.