شارك عشرات الآلاف من الألمان في ما يُُعتقد بأنها أكبر مظاهرات تشهدها البلاد احتجاجا على الطاقة النووية، وذلك في أعقاب تسرب الاشعاعات من المفاعلات النووية في مجمَّع فوكوشيما في اليابان، والذي تضرر بشكل بالغ جرَّاء الزلزال الكبير والتسونامي اللذين ضربا البلاد في الحادي عشر من الشهر الجاري.فقد شهدت المدن الألمانية الرئيسية، بما فيها العاصمة برلين وهامبورغ وميونيخ وكولون، يوم السبت مسيرات احتجاجية حاشدة احتجاجا على استخدام الطاقة النووية.وذكرت الشرطة في برلين أن أكثر من 100 ألف شخص شاركوا في المسيرة التي شهدتها العاصمة، وهو ضعف العدد الذي كان متوقعا للمشاركين في الاحتجاجات.كما قُدِّر عدد المشاركين في المظاهرات التي شهدتها مدن هامبورغ وميونيخ وكولون بحوالي 40 ألف شخص.ومن بين الهتافات التي أطلقها المحتجون شعار فوكوشيما يبعث برسالة تحذير: اغلقوا جميع المحطات النووية .وقد جاءت احتجاجات السبت عشية الانتخابات العامة التي ستشهدها ولاية بادن فورتمبرغ الواقعة جنوب غربي ألمانيا، والتي تشكِّل فيها الطاقة النووية قضية أساسية.وتُعتبر بادن فورتمبرغ قوة صناعية، وقد تعزز فيها موقف حزب الخضر بسبب الاحتجاجات المحلية ضد مشروع كبير للبنية التحتية في شتوتجارت، بينما يتبناه حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي بزعامة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. فبالإضافة إلى إقرار حكومة ميركل العام الماضي قانونا مثيرا للجدل قضى بإطالة عمر محطات الطاقة النووية في البلاد، وصفت ميركل المحطات النووية بأنها مصدر آمن للطاقة .ورأى المراقبون أن من شأن الاحتجاجات أن تعزز موقف المعارضة نظرا للانتقادات الموجَّهة للسياسات النووية لحكومة ميركل.لكن المستشارة الألمانية عادت وأعلنت في أعقاب زلزال اليابان الأخير بأن حكومتها بصدد إغلاق سبعة من أقدم المفاعلات النووية في بلادها.كما أعلنت ميركل في حينها أيضا عن خطة لتعليق العمل لمدة ثلاثة أشهر في مشروع تمديد أعمار مفاعلات أخرى.وقد قامت حكومة ميركل بالفعل الأسبوع الماضي بإغلاق المحطات النووية السبع المذكورة، وأرجأت خططا لتمديد استخدام الطاقة الذرية في محطات أخرى.من جانبهما، شجب حزب الخضر المعارض والحزب الديمقراطي الاشتراكي التحول التام في موقف ميركل تجاه الطاقة النووية. ويتوقع المراقبون أن يحقق الحزبان المذكوران فوزا كبيرا في انتخابات الأحد في ولاية بادن فورتمبرج التي يسيطر عليها حزب ميركل منذ ما يقرب من 60 عاما.وقال جورجين تريتين، زعيم الكتلة البرلمانية لحزب الخضر: نحن نتظاهر هنا اليوم ضد قرار سيء من الناحية التاريخية ، وذلك في إشارة إلى قرار حكومة ميركل تمديد العمل بالطاقة النووية العام الماضي.كما قالت مونيكا فليمينج، إحدى المشاركات في احتجاجات السبت: لقد أتيت إلى هنا للدعوة إلى إيقاف المفاعلات النووية، وذلك لأنني أنوي جازمة أن أموت بسبب التقدم بالسن بدل التسمم بالإشعاع .يُشار إلى أن ألمانيا، والتي كانت قد تضررت في عام 1986 بالآثار الناجمة عن كارثة مفاعل تشيرنوبل في أوكرانيا إبَّان عهد الاتحاد السوفياتي السابق، تضم حاليا قاعدة معارضة شعبية قوية وواسعة للاستمرار بالاعتماد على الطاقة النووية.وتحصل ألمانيا حاليا على نسبة 23 بالمائة من إجمالي إمداداتها من الطاقة من خلال مفاعلاتها النووية.