قال تعالى : في شأن أموال اليتامى :{ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا }ـ مبادرة قبل بلوغهم ـ .ثم قال تعالى : {ومن كان غنياً فليستعفف ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف}.
قال
العلماء : فكل ولى ليتيم إذا كان فقيرا فأكل من ماله بالمعروف بقدر قيامه
عليه في مصالحة ، وتنمية ماله فلا بأس عليه ، وما زاد على المعروف أربعة
أقوال :
أحدها : أنه الأخذ على وجه القرض .
والثاني: الأكل بقدرالحاجة من غير إسراف .
والثالث : أنه أخذ بقدرإذا عمل لليتيم عملا ً.
والرابع : أنه الأخذ ـ عند الضرورة ـ فإن أيسر قضاه ، وإن لم يوسر فهو في حل .
حكى
عن بعض السلف قال : كنت ـ في بداية أمري ـ مكباً على المعاصي وشرب الخمر ،
فظفرت يوماً بصبي يتيم فقيرفأخذته وأحسنت إليه وأطعمته وكسوته ، وأدخلته
الحمام ، وأزلت شعئه : وأكرمته كما يكرم الرجل ولده بل أكثر ، فبت ليله
بعد ذلك ، فرأيت في النوم أن القيامة قامت ، ودعيت إلى الحساب ، وأمر بي
إلى النار لسوء ما كنت عليه من المعاصي .
فسحبتني الزبانية ليمضوا
بي إلى النار، وأنا بين أيديهم حقير ذليل يجرونني سحبا إلى النار . وإذا
بذلك اليتيم قد اعترضني بالطريق ، وقال : خلوا عنه يا ملائكة ربي حتى أشفع
له إلى ربي ، فإنه قد أحسن إلى وأكرمني .
فقالت الملائكة : إنا لم نؤمر بذلك .
وإذا النداء من قبل الله ـ تعالى ـ يقول : (خلوا عنه فقد وهب له ما كان منه بشفاعة اليتيم وإحسانه إليه )
قال : فاستيقظت وتبت إلى الله ـ عز وجل ـ ، وبذلت جهدي في إيصال الرحمة إلى الأيتام .
وصدق
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول : (صنائع المعروف : تقي مصارع السوء
وصدقة السر : تطفئ غضب الرب ، وصلة الرحم: تزيد في العمر ).