|
| |
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
| موضوع: فتاوي في الطلاق الأحد 6 نوفمبر - 20:18 |
| من أهم عوامل مرونة الشريعة الإسلامية هو البعد عن المثاليات الجوفاء والواقعية في التطبيق ونتناول اليوم بإذن الله تعالى مسألة هي من أهم المسائل المثارة في أيامنا هذه , وهي مسألة الطلاق , والطلاق مما تميز به الإسلام والعجيب أننا نجد بعض أبواق الغرب من أبناء جلدتنا يدعون إلى عدم إباحة الطلاق ! أو جعله بيد القاضي , كأن محاكمنا لا يشغلها شاغل ولا يوجد بها ملايين قضايا الطلاق , فما بالنا لو أضفنا إليها قضايا إيقاع الطلاق من مبدأه فكيف سيكون الحال ؟ هذا القول وهذا التوجه هو من تافهة القول التي لا يلتفت إليها فإذا كان الغرب قد أباح الطلاق لضرورته فهل نأتي نحن لنمنعه ؟!
ونحن إذ نناقش مسألة الطلاق فإنا نناقشه من باب إن الإسلام وإن كان أباح الطلاق وجعله بابا أخيرا لفصل العلاقة بين الرجل وامرأته إلا أنه مما ضيق فيه الإسلام ولم يرغب فيه ولم يحث عليه , بل ضيق موارده قدر الإمكان , و نعرض للقارىء هنا نموذجا مبسطا في فهم آيات الطلاق , حتى يتضح له كيف حافظ الإسلام على أركان البيت وكيف ضيق في هدم أركان هذا البيت :
قال تعالى : " وَإِنْ عَزَمُواْالطَّلاَقَ فَإِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة : 227] " " الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [البقرة : 229] "
" يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً [الطلاق : 2,1] "
كثيرا ما يطلق الإنسان في حالة غضب أو حالة انفعال أو لأسباب عدة , وهناك من يطلق عدة طلقات في مرة واحدة وهناك من يطلق طلاق بدعي , وهناك من يحلف بالطلاق , هذه هي أهم الأسئلة التي يسألها الناس دوما , فهل تقع هذه الطلقات ؟ نقول : هناك خلاف في هذه المسائل , ولكن كما وضحنا مرارا أن هذا الخلاف بسبب التأصيل الخاطىء لأصول استخراج الأحكام من القرآن , ولو طبقت بطريقة مباشرة سليمة لقل هذا الخلاف كثيرا , فلنتتبع الآيات ولنر ما
هي الأحكام المستفادة من هذه الأحكام : يقول الله تعالى " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ "
وكما قلنا مرارا وتكرارا أن الأمر دوما للوجوب , فيلزمنا أن نوقع الطلاق لهذه العدة , وهذه العدة أولها النبي ص بقوله في الحديث الذي رواه البخاري : " 4850 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ " اهـ
وكل الفقهاء على أن الطلاق في طهر واقعها فيه أو في حالة الحيض أو النفاس طلاق بدعي , ولكن الخلاف في وقوع الطلاق , هل يقع أم لا يقع ؟ وبعيدا عن الأخذ والرد الكثيرين المنثورين في كتب الفقه نأخذ الآية من القرآن وتأويلها من السنة ونقول : من أراد أن يطلق امرأته فعليه أن يطلقها : في طهر لم يجامعها فيه , بمعنى : إذا كانت المرأة طاهرة وكان زوجها قد جامعها بعد أن طهرت من الحيض فلا يقع الطلاق ويكون لاغيا بل يجب عليه أن ينتظر حتى تحيض ثم تطهر , فإن شاء طلقها وإن شاء أمسكها , وطبعا لا تحسب هذه الطلقة البدعية .
إذا كانت المرأة في حالة حيض أو نفاس وطلقها , فلا يقع الطلاق بل عليه أن ينتظر حتى تطهر ثم تحيض مرة أخرى ثم تطهر مرة أخرى , فإن شاء طلقها وإن شاء أمسكها .
إذا الحالة الوحيدة التي يقع فيها الطلاق محصورة في أيام قلائل , فالمرأة تحيض في المتوسط خمسة أيام فهذه فترة محظور فيها الطلاق , ويغلب أن يجامعها زوجها بعد انتهاء الحيض[1] , بفترة بسيطة كيومين أو ثلاثة أو حتى خمسة أخر , فيدخل مرة أخرى في فترة الحظر ,
فيعلم أن فترة وقوع الطلاق فترة محدودة جدا , وهي هذه الأيام , والأيام التي تكون فيها المرأة حاملا . لذلك فإذا حدث وطلق الإنسان في هذه الأيام وندم على ذلك فنقول له أن طلاقه غير واقع ويمكنك أن تستمر مع زوجك على ما أنتما عليه , أما إذا عزم على إيقاع الطلاق فعليه أن ينتظر حتى تحيض ثم تطهر ثم يطلقها قبل أن يمسها وبهذا يظهر العزم الشديد على إيقاع الطلاق فيقع كما قال الله تعالى " وإن عزموا الطلاق "
[1] لو تذكر القارىء قول الله عزوجل في سورة البقرة " َيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [البقرة : 222] " , وكما قلنا أنه يجب على الزوج وطء زوجه بعيد التطهر لعلم أن الأيام التي يباح فيها الطلاق قليلة جدا .
يتبع ....................... |
| | |
| موضوع: رد: فتاوي في الطلاق الأحد 6 نوفمبر - 20:23 |
| أما مسألة الطلاق في حالة الغضب الشديد , فنجد
أن الله عزوجل يقول " وإن عزموا الطلاق " , فلا بد من وقوع الطلاق أن يكون له عزم وتصميم على وقوع الطلاق , أما في حالة الغضب الشديد والانفعال فلا يقع , ويصدق كتأويل لهذه الآية ما رواه ابن ماجة أن النبي ص قال " 2036- ...... لا طلاق ولا عتاق في إغلاق " , إذا حتى لو حصل الطلاق في أيام الإباحة القلائل ولكنه كان في حالة غضب شديد لا يقع , بل هو لغو , وكذلك لا يقع طلاق السكران ولا المكره ولا المجنون ,
وكل هذا خارج من قوله تعالى " وإن عزموا " .
أما مسألة الطلاق أكثر من مرة في مجلس واحد كأن يقول لزوجه " أنت طالق ثلاثة " , فنقول هذا الطلاق لا يقع , فهناك من قال أن هذا لغو فلا يقع منها أي طلقة , ومنهم من قال أن هذا يقع كله أي تقع الطلقات كلها , ومنهم من قال أنها تقع طلقة واحدة . والذي نراه أنه يقع مرة واحدة ولا يقع أكثر من ذلك , و دليلنا من القرآن قوله تعالى " الطلاق مرتان " , فلو وقعت الطلقات الثلاثة في مرة واحدة لخالف هذه الآية , فعلم أن وقوع أكثر من طلقة في مرة واحدة لا يصح بل تقع طلقة واحدة فقط .
أما مسألة تعليق الطلاق , مثل أن يقول : إن دخلت الدار فأنت طالق , فهناك من يرى أنه يقع , وهناك من يرى أنه لا يقع أبدا وهذا هو رأي الشيعة فهم لا يوقعون الطلاق المعلق أبدا بل لا بد من أن يقول لزوجته أنت طالق , أما التعليق فلغو – ونحن نوافقهم لموافقتهم النص القرآني – وهم والظاهرية يرون أن الطلاق ليس من التعاملات الدنيوية وإنما هو من الأحكام الشرعية التي حددها الله من أجل غاية واحدة وهي فصل العلاقة بين الرجل وزوجه , فإذا استعملت في غير ذلك من أمور الدنيا كان ذلك عبثا واستهتارا بشرع الله فلا يؤخذ بهذا القول ويكون من العبث الذي ينبغي أن ينزه الإنسان عنه , وما ينطبق على التعليق ينطبق على الحلف بالطلاق ,
ونحن نجد أن الرأي المنتشر في مجتمعنا هذه الأيام والذي يفتي به أكثر المشائخ هو أن الحلف بالطلاق فيه كفارة يمين إذا أراد التهديد والمنع من الفعل أما إذا أراد الطلاق فيقع , وهذا رأي فقهي موجود فعلا , ولكن الذي نراه أن الحلف بالطلاق يعد لغوا فلا هو يقع كطلاق , ولا يقع كيمين لأنه ليس من ألفاظ اليمين فلا شيء فيه على الإطلاق ثم إنه غير مترتب على عزم الزوج وإنما مترتب على فعل غيره .
ونأتي إلى نقطة لا اعتقد أنها تخطر ببال أي من القراء وهي مسألة الإشهاد على الطلاق , فكل المسلمين السنة يعرفون أنه يجب الإشهاد على الزواج ولكن أكثرهم لا يعرف أن هناك شيئا اسمه إشهاد على الطلاق , وهذا للأسف من اتباع الناس للمذاهب بدون النظر في القرآن , فالله عزوجل بعدما تكلم عن الطلاق قال " وأشهدوا ذوي عدل منكم " , فهذه الجملة صريحة في وجوب الإشهاد على الطلاق وعلى الرجعة , وكالعادة اختلف السادة الفقهاء هل الأمر هنا للوجوب أم للاستحباب ؟! , وهل هو في الطلاق والرجعة أم في الطلاق فقط أم في الرجعة فقط ؟ وبطبيعة الحال أخذ كل منهم يدلل على قوله بأدلة ويناقش أدلة الآخر , ولكن الذي نفهمه من النص هو وجوب الإشهاد في الطلاق و الرجعة وهذا ما يقول به الظاهرية , وأما الشيعة فيقولون بوجوب الإشهاد عند الطلاق فقط . إذا نزولا على أمر الآية لا بد من الإشهاد عند الطلاق بوجود شاهدين عدلين , فإذا طلق الرجل زوجه بلا شهود فلا يقع هذا الطلاق ولا يحسب .
ونخرج من هذا الاستقراء السريع لآيات الطلاق في القرآن بالتالي : 1- الطلاق لا يقع إلا في طهر لم يجامعها فيه , فإن كانت في حالة حيض أو نفاس أو في طهر جامعها فيه لا يقع الطلاق .
2- الطلاق لا يقع في حالة الغضب الشديد أو السكر أو الجنون أو الإكراه .
3- لا يوجد شيء اسمه تعليق الطلاق أو الحلف بالطلاق وكل هذا يعد من لغو الكلام الذي لا يعتد به .
4- الطلاق لا يقع إلا مفرقا , فلو طلق زوجته في مجلس واحد أكثر من طلقة لا تقع إلا طلقة واحدة .
5- لابد من الإشهاد على الطلاق أو الرجعة , فمن طلق زوجته ولم يشهد هذا الطلاق أحد أو شهده شاهد واحد , فلا يقع هذا الطلاق ولا تحسب هذه الطلقة .
فانظر عزيزي القارىء كم ضيق الإسلام موارد الطلاق , حتى أنه ليكاد يلغيها فلا يقع الطلاق إلا لمن عزم عليه وصمم إيقاع الطلاق , فانتظر حتى يحين الميعاد المسموح فيه بالطلاق و أحضر لذلك الشهود , فمثل هذا هو الذي يقع منه الطلاق .و بعد هذه الشروط التي وضعها القرآن فليسأل من طلق قبل ذلك مرة أو اثنين أو ثلاثة نفسه : هل طلق طلاقا سنيا أو بدعيا , وبعبارة أخرى : هل طلقاته التي طلقها واقعة أم لاغية ؟ فانظر أخي في الله كيف يضيق التقليد على خلق الله الكثير من المواطن التي وسع الله فيها وكم يضيع من محاسن الإسلام , والله أعلى وأعلم .
|
| | |
| موضوع: رد: فتاوي في الطلاق الأحد 6 نوفمبر - 20:47 |
| جزاكى الله خيرا ساره على موضوعك الجميل وأدو أن أقول أن الطلاق فى شريعتنا هو من سماحة الاسلام وليس شيئا يعاب عليه وجميع الاديان تحسدنا عليه لأنكم كما تعلمون أن فى عقيدة النصارى لا يجوز للزوج ان يطلق زوجته حتى أن كرهها واستحالت بينهما المعيشة فلا يجوز ان يطلقها الا اذا رأها نخونه على فراش الزوجيه . فبالله عليكم لو أن أسرة نشأ فيها الخلاق واستحالات العشرة بين الزوجين وكره كل منهما الاخر ، ولم يستطع أحد ان يحل بينهما فما هو السبيل ؟ أليس هو الطلاق ؟ ومن هنا تأتى سماحة الاسلام فى التيسير على كلاهما وتعطى كل واحد حقه |
| | | |
مواضيع مماثلة | |
|
مواضيع مماثلة | |
| |
|