بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين وسيد الأولين والآخرين وعلى آله وأصحابه أجمعين
أخي في الله بادئ ذي بدء نقول أن محمداً صلى الله عليه وسلم قام بمعجزات
تفوق كل معجزات الأنبياء أجمعين عدداً ونوعاً إن ما قام به المسيح عليه
الصلاة والسلام لا يمثل قطرة في بحر معجزات محمد صلى الله عليه وسلم وصفة
الإحياء المادي والحقيقي من الموت إلى الحياة هي صفة تنزيهية لله تعالى
وحده لاشريك له فيها يقول ربنا عز وجل ((اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ
رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم
مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُم مِّن شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا
يُشْرِكُونَ )) الروم40
.. ومن زعم أن المسيح عليه السلام قد أحيا الموتى إحياء مادياً حقيقياً من الموت إلى الحياة فقد وقع في الشرك دون أن يشعر
يقول تعالى ((وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ )) يوسف106
لقد أعلن المسيح في الكتاب المقدس بنفسه أن لن يقدم دليلاً على صدقه إلا
آية واحدة فقال : جيل شرير يطلب آية , ولا تعطى له إلا آية يونان النبي
( لـــوقــا 11: 29 ) هذه هي معجزته الوحيده كما أخبر بلسانه أما غيرها
فليست بمعجزات مطلقاً , إنها إما خرافات الغوغاء ومبالغات البسطاء , وإما
دعوات مستجابة من نبي صالح بار , وإما أقوال رمزية ودروس مجازية فكلنا يعلم
أن المسيح عليه الصلاة والسلام كان يكلم قومه بأمثال
أما إحياء الموتى المذكور في كتاب الله والمنسوب للأنبياء فاعلم أخي يرحمك
الله أن كل أنبياء الله يحيون الموتى ويشفون المرضى ولكن أي موتى وأي مرضى ؟
إن الأنبياء لم يرسلوا لإعادة الحياة المادية أو الصحة الجسدية لبضعة أفراد
سوف يموتون عاجلاً أو آجلاً .. مع ملاحظة أن من أحياهم المسيح قد عادوا
إلى الموت بعدها .. إلا لو كنت تؤمن أنهم مازالوا أحياء
حتى اليوم ! كلا , إن للأنبياء مهمة أسمى من ذلك بكثير .. إن مهمتهم
الحقيقية هي إحياء موتى الكفر والضلال والوقوع في سخط الله .. وشفاء مرضى
الإثم والمعصية وسوء الأخلاق , هذا هو الإحياء والشفاء الوارد في الكتب
السماوية .. وفي القرآن الكريم بصفة خاصة
مايفهم من الإنجيل هو أن المسيح عليه الصلاة والسلام دعا الله لشفاء أشخاص
اشتد بهم المرض حتى أوشكوا على الموت , فشفاهم الله لذلك قال المسيح ” أيها
الأب أشكرك لإنك سمعت لي ” ( يوحنــا 11 : 42 )
مهمة جميع الأنبياء الحقيقية والتي من أجلها أرسلهم الله هي علاج المرضى
روحانياً , فالذين عميت بصائرهم فلايرون الحق , والذين ضعفت خطاهم إلى الله
, والذين تلوثت أبدانهم من المعاصي ,والذين سدوا آذانهم عن سماع نداء الله
, والذين ماتت ضمائرهم , والذين طحنت المظالم عظامهم .. كل أولئك بحاجة
إلى يد رحيمة مواسية , وكلمة رقيقة مشجعة , وشخصية هادية تقودهم إلى النور
هذه هي مهمة الأنبياء ومنهم المسيح عليه الصلاة والسلام
ولقد وصف المسيح هؤلاء المرضى بقوله : ” لأنهم مبصرون لايبصرون وسامعون
لايسمعون ولايفهمون ” (متـى 13 : 13 ) هؤلاء هم الصم البكم العمي الذين
لايهتدون .. والذين جاء المسيح لإحيائهم وشفائهم
ولقد سمى الله تعالى في القرآن الكريم الكفر والضلال موتاً وسمى الهدى
والإيمان حياة يقول الله تعالى : { أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ
وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي
الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ
مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }الأنعام122
ولقد ذكر القرآن الكريم هذا الإحياء النبوي فقال ((اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ
وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ)) الأنفال 24 , وبالفعل ..
لقد أحيا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم وشفى مئات الآلاف من الموتى في
جزيرة العرب .. فقد كانوا عبدة أوثان وعطلوا كل الملكات التي تميز بين الحي
والميت , وسجدوا لأحجار وأخشاب , وعبدوا جمادات وخيالات .. فكانوا كما قال
القرآن الكريم فيهم ((إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ
سَبِيلاً)) الفرقان 44
وشفى خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم ملايين المرضى ذوي العاهات
الأخلاقية من فسق وفجور وفساد , وطهر آكلي السحت ومغتصبي الحقوق وناهبي
الأموال , لقد حرر الأعراب من كل سيئاتهم وحولهم إلى ربانيين .. أحيا هؤلاء
البشر الغارقين في وحل المعاصي والبعد عن الله , وهذه الصفات لاتتوفر في
أحد من الخلق سوى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يقول تعالى ((مَّا كَانَ
مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ
وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ )) الأحزاب 40 , وفتح مكة ومعه عشرة آلاف من
صحابته الأطهار , الذين دافعوا عنه باأرواحهم وأموالهم ومعه شريعة القرآن
التي تأكل السيئات كالنار وفيها التطهير والدفء والنور , وكان محباً للناس ,
وصحابته كلهم ربانيون مسلمون مخلصون لربهم .. خاضعون له متقبلون كل ماجاء
به , ليس كما جاء في الكتب عن المسيح أنه لم يتبعه إلا إثنا عشر رجلاً فقط ,
ثم في النهاية خانوه وأنكروه فأين الإحياء المادي كما تزعمون ومافائدته لو
كنتم تعقلون ؟
فلاتطروا ابن مريم ولاتجعلوه إله أو إبن إله ولاتفضلوه على خاتم النبيين ولاتعينوا النصارى يامعشر المسلمين
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
اللهم انفخ روح بركة في كلامنا
واجعل أفئدة كثير من الناس
تهوي إليه