كان صلى الله عليه وسلم أكثر الناس ذكرا لربه، حياته كلها ذكر لمولاه،
فدعوته ذكر وخطبه ذكر ومواعظه ذكر وعبادته ذكر وفتاويه ذكر، وليله ونهاره
وسفره وإقامته بل أنفاسه كلها ذكر لمولاه عز وجل، فقلبه معلق بربه، تنام
عينه ولا ينام قلبه، بل النظر اليه يذكّر الناس بربّهم، وكل مراسيم حياته
ومناسباته وذكر لخالقه جلّ في علاه.
وكان صلى الله عليه وسلم يحث
الناس على ذكر ربهم، فيقول: "سبق المفردون: الذاكرون الله كثيرا
والذاكرات" أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، ويقول: "مثل الذي يذكر
ربه والذي لا يذكره كمثل الحيّ والميت".. أخرجه البخاري ومسلم عن أبي موسى
رضي الله عنه. ويقول:" لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله".. أخرجه أحمد
والترمذي وابن ماجه.
وأخبر أن أفضل الناس أكثرهم ذكرا لربه، وروى عن
ربّه عز وجل قوله: "أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت شفتاه" أخرجه البخاري
معلقا في كتاب التوحيد، باب قول الله {لا تحرك به لسانك}، وأحمد وابن ماجه
عن أبي هريرة رضي الله عنه.
ويقول: "من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم" أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.
وله
عليه الصلاة والسلام عشرات الأحاديث الصحيحة التي تحث على الذكر وترغّب
فيه، والتهليل والتسبيح والتحميد والتكبير والحوقلة والاستغفار والصلاة
والسلام عليه صلى الله عليه وسلم.
وكان يذكّر الناس بأجر
الذكر وما يترتب على ذلك من ثواب، وذكر الأعداد في ذلك مع ذكر المناسبات،
وعمل اليوم والليلة، فهو صلى الله عليه وسلم الذاكر الشاكر الصابر، وهو
الذي ذكّر الأمة بربها وعلمها تعظيمه وتسبيحه، وبيّن لها فوائد الذكر
ومنافعه.
فهو أسعد الناس بذكر ربه، وأهنؤهم عيشا بهذه النعمة،
وأصلحهم حالا بهذا الفضل، فكان له أوراد من الأذكار مع حضور قلب وخشوع
وخضوع وهيبة وخوف ومحبة ورجاء وطمع في فضل ربه.