إن الأمة التي تجعل القرآن دستورها في الحياة هي أمة قوية ، عزيزة ، وقد رأينا صدق ذلك في الأمة العربية ، كيف أعزّها الله سبحانه – بعد ذلّ – لمّا جعلت كتابه نبراسها ، وفتح لها الدّنيا وسوّدها على العالمين .
وإنّ الأمة التي تتمرد على هذا القرآن وتجعله وراءها ظِهرياً وتعطّل أحكامه وتهجره بإهماله كدستور وتتخذه مزامير للطرب وإرسال الآهات ، وتصيّره بضاعة للموتى ووسيلة للتنجيم وعمَل الحُجُب .... هي أمة محكوم عليها بالانهيار ، كما انهارت بعض الشعوب الإسلامية في العصور المتأخرة يوم ترَكت كتاب الله تعالى وجَعَلت من قوانين الغرب الحائر القلِق مِنهاجاً .... ذلك الغرب الذي سمّم عقول أبنائها عن طريق مدارسه الأجنبية ودعاياته المختلفة وتدخّله في المناهج المدرسية الحكومية بأسلوب مباشر أو غير مباشر ، ليخدعنا بعدم صلاح الإسلام للحُكم بُغية إخماد قوانا الثائرة ضد الطغيان والاستعمار .
وقد صاح غلادسون في مجلس العموم الإنجليزي قائلاً : ( إنّ العقبة الكؤود أمام استقرارنا بمُستعمراتنا في بلاد الإسلام شيئان ولا بد من القضاء عليهما : القرآن والكعبة ) .
فما أجدرنا في هذا الوقت العصيب أن تنهج الأمة العربية نهجها في عصرها الذهبي فتُقبل على كتاب الله إقبال المريض على الدواء الذي فيه شفاؤه ، والظمآن على الماء العذب القراح !...
ما أجدرنا في هذا العصر الخطير بإحداث إصلاح جذري في جميع نواحي حياتنا التربوية والاجتماعية والاقتصادية والخُلُقية ، وليس سوى القرآن بقادرٍ على إحداث هذا الانقلاب والإصلاح العظيم الذي تكفّل لنا اللهُ فيهِ بالارتقاء الصحيح والنهوض السريع .....
----------------------------------------------------------------------
نقلاً عن كتاب ( صوم رمضان ) لـ محمود مهدي الاستانبولي