* محمد صلى الله عليه وسلم ..المرأة والأسرة
( القسم الأول )
يعيدنا الحديث عن المرأة إلى بدايات الخلق البشري ..إلى أدم وحواء والدي البشرية جمعاء…
لقد خلق الله سبحانه أدم عليه السلام مخاطباً ملائكته الكرام " إني جاعل في الأرض خليفة" ( سورة البقرة 30 ) .. واسجد لهذا الإنسان ملائكته إجلالً وتكريماً.. ويأبى إبليس السجود فيطرد من رحمة الله….
وتتفق المصادر الإسلامية والمسيحية على السواء في أن حواء خلقت من أدم ففي سفر التكوين ( الإصحاح 2/ 16-18) " فأوقع الرب الإله سباتاً على أدم فنام فأخذ واحدة من أضلاعه وملأ مكانها لحماً وبنى الرب الإله الضلع الذي أخذها من أدم إمرأة وأحضرها إلى أدم فقال أدم هذه الأن عظم من عظامي ولحم من لحمي وهذه تدعى حواء إمرأة لأنها من إمرئ أخذت.." " ودعا أدم إمرأته حواء لأنها أم كل حي"( تكوين 3/20 ) وفي القرأن الكريم قال الله تعالى لأدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين".( الأعراف 19 )
إلى هنا تتفق المصادر السماوية في قصة الخلق الأولى لحواء.. وفيما بعد تأتي رواية جهنمية خطيرة ما تزال تعشعش في العقول والأفكار وتصبغ بعض التصرفات رغم دخولنا القرن الحادي والعشرين.. إنها قضية " الخطيئة الأولى".. وتسهم الميثولوجيا التوراتية بشكل أساسي في ترويج تلك الفكرة …
إن رواية " الخطيئة الأولى " في الفردوس متعلقة برواية الخلق التي نجدها في الفصل الثاني من سفر التكوين ..فبعد رواية خلق الإنسان يقول النص:
" وغرس الرب الإله جنة في عدن شرقاً وجعل هناك الإنسان الذي جبله – وأنبت الرب الإله من الأرض كل شجرة حسنة المنظر وطيبة المأكل وشجرة الحياة في وسط الجنة – وشجرة معرفة الخير والشر وأمر الرب الإله الإنسان قائلاً: من جميع شجر الجنة تأكل وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها فإنك يوم تأكل منها تموت موتاً.."- سفر التكوين ( الفصل2: 8-9-16-17 )." وكانت الحية أصل جميع حيوان البرية الذي صنعه الرب الإله فقالت للمرأة: أيقيناً قال الله لاتأكلا من جميع شجر الجنة ؟ فقالت المرأة للحية : من ثمر شجر الجنة نأكل وأما ثمر الشجرة التي في وسط الجنة فقال الله لا تأكلا منه ولا تمساه كي لاتموتا..فقالت الحية للمرأة : لن تموتا..! إنما الله عالم أنكما في يوم تأكلان منها تنفتح أعينكما وتصيران كألهة عارفي الخير والشر .. ورأت المرأة أن الشجرة طيبة للمأكل وشهية للعيون ….."
" فأخذت من ثمارها وأكلت – وأعطت بعلها أيضاً فأكل ,فانفتحت أعينهما فعلما أنهما عريانيين فخاطا من ورق التين وصنها لهما منه مأزر" " فنادى الرب الإله أدم وقال له أين أنت؟ قال: إني سمعت صوتك في الجنة فخشيت لأني عريان فاختبأت –قال فمن أعلمك أنك عريان هل أكلت من الشجرة التي نهيتك عن أن تأكل منها فقال أدم: المرأة التي جعلتها معي هي التي أعطتني من الشجرة فأكلت…فقال الرب الإله للمرأة ماذا فعلت؟ فقالت المرأة : الحية أغوتني فأكلت فقال الرب الإله للحية :إذ صنعت هذا فأنت ملعونة من بين البهائم وجميع وحش البرية – على صدرك تسلكين وتراباً تأكلين طوال أيام حياتك – وأجعل عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها – فهو يسحق رأسك وأنت ترصدين عقبه .. وقال للمرأة : لأكثرن مشقات حملك ! بالألم تلدين البنين وإلى بعلك تنقاد أشواقك وهو يسود عليك – وقال لأدم : إذ سمعت لصوت إمرأتك فأكلت من الشجرة التي نهيتك قائلاً لاتأكل منها فملعونة الأرض بسببك – بمشقة تأكل منها طوال أيام حياتك – وشوكاً وحسكاً تنبت لك وتأكل عشب الصحراء – بعرق وجهك تأكل خبزاً حتى تعود إلى الأرض التي أُخِذْتَ منها لأنك تراب وإلى التراب تعود..". (تكوين الفصل 3 )
" لكن المرأة أغويت فحصل التعدي" تيموثاوس الأولى (2/14)
" كما خدعت الحية حواء بمكرها" كورنثوس الثانية (3/11)
لقد سلم أوغسطين [القرن الرابع الميلادى] إلى الغرب تراث الخوف من الخطيئة ، كقوةلا يمكن السيطرة عليها ، فهناك فى لب كل تشكيل للعقيدة ، توجد المرأة حواء ، سبب كل هذه التعاسة ، وكل هذا الثقل من الذنب والشر ، وكل الانغماس البشرى فى الخطيئة. لقدارتبطت الخطيئة والجنس والمرأة معاً فى ثالوث غير مقدس. فبالنسبة لذكر متبتل مثل أوغسطين ، لا يمكن فصل هذه العناصر الثلاثة. وفى الغرب بقيت المرأة هى حواء إلى الأبد ، هى إغراء الرجل إلى قدره المشئوم. بل إن إنجاب الأولاد الذى تعتبره ثقافات أخرى فخر المرأة الرئيسى وينبوع القدرات التى تمتلكها ، نجده فى المسيحية قد غلفهالشر باعتباره الوسيلة التى تنتقل بها الخطيئة.
وإذا ما انتقلنا للنصوص القرأنية في هذه القضية لإجراء مقارنة أو مقاربة..نجد أن المعتقد الإسلامي يبتعد تماماً عن فكرة تحميل المرأة جريرة ما يسمى ب" الخطيئة الأولى" الخطيئة التي تنقل حواء أثامها لأبنائها على مدى ألاف ألاف السنين..
فخطاب النهي الإلهي عن أكل الشجرة يرد في القرأن بصيغة الجمع لكل من أدم وحواء على السواء:" ويا أدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغداً حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين"(البقرة: 35)
والمعصية بحسب النص القرأني قام بها كل من أدم وحواء معاً:
" فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا إهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين "( البقرة 36 )
وإذن..!!
" فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما " ( الأعراف 22)
" وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة " ( الأعراف 22)
" قالا ربنا ظلمنا أنفسنا"( الأعراف 23)
بل يميل النص القرأني في سياق الحديث عن أدم وحواء إلى إلقاء اللوم والعتاب على أدم وحده أكثر من لومه لحواء:
" وعصى أدم ربه فغوى .ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى" ( طه 121-122 )
" فتلقى أدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم"( البقرة 37)
" ولقد عهدنا إلى أدم من قبل فنسي ولم نجد له عزماً " ( طه 115)
" فوسوس إليه الشيطان قال يا أدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لايبلى"( طه 120)
فليس في التشريع الإسلامي الذي بشربه محمد صلى الله عليه وسلم نص واحد أو إشارة صريحة أو خفية تلمح إلأى مسؤولية " السيدة الأولى " عن ما يسمى ب" الخطيئة الأولى" ..
إن الظلم الناجم عن الإيمان بفكرة خاطئة كفكرة خطيئة حواء قادت وتقود إلى ظلمات فكرية وعملية سلوكية لا تقرها الشرائع ولا القوانين المتمدنة ولا الإنسانية الراقية…
والقرأن يقرر أنه " لاتزر وازرة وزر أخرى" (فاطر 18) وهو ما جاء في سفر التثنية كذلك " كل إنسان بخطيئته يقتل"( تثنية 16/24 ) فنحن بنهج محمد صلى الله عليه وسلم نؤمن أن لا أحد يتحمل خطيئة أحد ونؤمن أن أدم وحواء قد تابا إلى الله وقبل منهما وأن الموضوع انتهى هاهنا..
بل إن النص القرأني يستخدم مفردة دقيقة لوصف العمل الذي قاما به وهو " الذنب" و" المعصية" تلك التي تزول بالتوبة وطلب المغفرة والتراجع عنها وهي ليست " خطيئة " ولا " لعنة" تلاحق الأجيال والأمم.. وإذن فالخطأ البشري ممكن الحدوث من قِبَلِ كل فرد من أفراد هذا الكائن البشري ذكراً كان أم أنثى دون فروق..
تبرئة المرأة من" لعنة الخطيئة" بنصوص واضحة كنصوص القرأن والسنة تتبعها نصوص واضحة.." الجميع سواسية ذكراناً وإناثاً " منشأ وعملاً ونتيجة ونهاية"….
فالنص القرأني يقول" يأ أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم."* (الحجرات 13)
وكل مفردات النصوص التشريعية في الإسلام تحمل هذا الخطاب الموجه للذكر والأنثى على السواء" يا أيها الناس" " يا أيها الذين أمنوا" فهما كائنان حيان ذوا روح إنسانية كاملة ذات إرادة وإختيار وبهذا حسم الإسلام موضوع ظل يحمل نقاشا ً وجدالاً يثير الإشمئزاز والإقياء في حضارات وشرائع وديانات أيضاً..
لنتابع…
* المرأة …….مشوار الألم الطويل
كانت الفتاة فى الشعوب البدائية حين تبلغ طورالمراهقة، تُعزَل فلا تكلم أحداً غير أمها، ولا تكلمها إلا بصوت خفيض ، كما أن الولد إذا وصل إلى مرحلة البلوغ يأخذونه ليغتسل فى بعض العيون المقدسة ، وذلك لكى يخلص من روائح الأنوثة التى علقت به من مصاحبته لأمه. ….
و كانت المرأة عند الهنود القدماء تعتبر مخلوقاً نجساً ، ولم يكن للمرأة فى شريعة " مانو" حق فى الاستقلال عن أبيها أو زوجها أو ولدها ، فإذا مات هؤلاء جميعاً وجب أن تنتمى إلى رجل من أقارب زوجها ، وهى بذلك قاصرة طيلة حياتها ، ولم يكن لهاحق فى الحياة بعد وفاة زوجها ، وكانت إذا مات عنها زوجها تُحرَق مع جثته بالنارالمقدسة ، بل إن بعض القبائل الهندية القديمة كانت لا تراها أهلاً لتُحرَق مع جثة زوجها باعتبارها المخلوق النجس، ولذلك كانوا يرون دفنها حية أو حرقها بعد موت زوجها. فإذا كان للرجل أكثر من زوجة دُفِنَّ جميعاً أو حُرِقْنَ جميعاً. وفى حياة الزوج كان له أن يُطلِّق الزوجة متى شاء وكيف شاء ، أما هى فليس لها الحق فىأن تطلب الطلاق من زوجها مهما يكن من أمر الزوج ، حتى لو أصيب بأمراض تمنع منأهليته للحياة الزوجية . وقد لقيت الحكومات الهندية أشد الفتن من مجتمعاتها، خاصة من رجال الدين الهنود، حين حاولت القضاء على مثل هذه العادات المسترذلة والتى استمرت تهضم حقوق المرأة وكيانها حتى القرن السابع عشر.
وفى شرائع الهندوس أنه: (ليس الصبر المقدر ، والريح ، والموت ، والجحيم ، والسم ، والأفاعى ،والنار، أسوأ من المرأة)
ويذكر جوستاف لوبون أن المرأة فى الهند (تُعِّد بعلها ممثلاً للآلهة فى الأرض ، وتُعَدُّ المرأة العزب، والمرأة الأيم، على الخصوصمن المنبوذين من المجتمع الهندوسى، والمنبوذ عندهم فى رتبة الحيوان، والمرأةالهندوسية إذا فقدت زوجها ظلت فى الحداد بقية حياتها، وعادت لا تُعامَل كإنسان،وعُدَّ نظرها مصدراً لكل شؤم على ما تنظر إليه، وعدت مدنسة لكل شىء تلمسه، وأفضل شىء لها أن تقذف نفسها فى النار التى يحرق بها جثمان زوجها ، وإلا لقيت الهوان الذى يفوق عذاب النار).
أما فى الصين فكانت المرأة لا تقل مهانة أو مأساة عن بقية المجتمعات ، فكانت النظرة إليها واحدة ، ويظهرمدى امتهان المرأة فى المثل الصينى الذى يقول: إن المرأة كالكرة ، كلما ركلتها برجلك ارتفعت إلى أعلى.
وشبهت المرأة عندهم بالمياه المؤلمة التى تغسل السعادة والمال ، وللصينى الحق فى أن يبيع زوجته كالجارية، وإذا ترملت المرأةالصينية أصبح لأهل الزوج الحق فيها كإرث، وللصينى الحق فى أن يدفن زوجته حية.
إن البلاد الوحيدة التى نالت فيهاالمرأة بعض الحقوق قديماً هى مصر الفرعونية ، إذ كان لها أن تملك ، وأن ترث ، وأن تقوم على شئون الأسرة فى غيبة الزوج ، ولكن مع ذلك فقد كان الرجل سيداً على المرأةخاصة زوجته ، ولكن ليس بالمفهوم الذى رأيناه أنه يملكها وله الحق فى بيعها أو قتلها، ولكن بمعنى أنه قيِّمٌ عليها وعلى بيته.
أما المرأة الكلدانية فكانت خاضعة خضوعاً تاماً لرب الأسرة ، وكان للوالد الحق فى أن يبذل زوجته أو ابنته لسداد دينه ، وكانت المرأة تحتمل وحدهاالأعباء المنزلية ، فتذهب كل يوم لجلب الماء من النهر أو البئر ، وتقوم وحدها بطحن الحبوب بالرحى وإعداد الخبز ، كما تقوم بغزل ونسج وحياكة الملابس. وهذا كان حالهافى الطبقات الفقيرة.أما فى الطبقات الموسرة فكانت المرأة لا تخرج من منزلها، بل يقوم على خدمتها فى المنزل خدم وحشم. وأما نساء الملوك الكلدانيين فكان لايُسمَح لأحد برؤيتهن ولا التحدث إليهن أو حتى التحدث عنهن.
وكان من حق الرجل طلاق زوجته متى أراد أما المرأة فإذا أبدت رغبة فى الطلاق من زوجها طُرِحَت فى النهر لتغرق ، أو طردَت فى الشوارع نصف عارية لتتعرض للمهانة والفجور.
وقد روى هيرودوت المؤرخ اليونانى القديم أن كل امرأة كلدانية كان عليها فى مدينة بابلأن تذهب إلى الزهرة الإلهة (مليتا) ليواقعها أجنبى حتى ترضى عنها الإلهة. ولم يكن من حقها أن ترد من يطلبها كائناً من كان ، ما دام أول رجل يرمى إليها بالجعالة- المال المبذول والذى كان يُعتبر حينئذ مالاً مقدساً- ثم ترجع بعد ذلك إلى منزلها لتنتظر الزوج.
وكانت إذا تزوجت ولم تحمل لفترة طويلة اعتبرت أنها أصابتها لعنة الآلهة أو أصابها مس من الشيطان فتصبح فى حاجة إلى الرقى والطلاسم ، فإذا ظلت عاقراً بعد ذلك فلابد من موتها للتخلص منها.
وهذا أقرب ما يكون للقانون اليهودى عند إصابة أحد بالمس فإنه يُقتَل رجلاً كان أم امرأة:" وَإِذَا كَانَ فِي رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ جَانٌّ أَوْ تَابِعَةٌ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ. بِالْحِجَارَةِ يَرْجُمُونَهُ. دَمُهُ عَلَيْهِ».)(لاويين 20: 27 )وكان معبدالإلهة (عشتروت) فى بابل القديمة يمتلىء من العاهرات اللائى يتقدمن إلى زائرىالمعبد. كما كان على كل امرأة أن تتقدم مرة على الأقل إلى معبد فينوس ليواقعها أى زائر فى المعبد. وكانت الفتيات من الصين واليابان وغيرهما من بلاد العالم يتقدمن إلى الكهنة فى المعابد ، وكان من الشرف الكبير أن يواقعها الكاهن الذى هو ممثل الإلهة على الأرض. وكان هذا النوع من البغاء يُعرَف بالبغاء الدينى.
وهوقريب من قول (نيكولاوس فون كليمانجيسNikolaus von Clemanges (أحد علماء اللاهوت وعميد جامعة باريس سابقا: (أن تترهبن المرأة اليوم فمعنى هذا أنها أسلمت نفسها للعهارة).
وقد سبقه فى مثل هذا القول (دومبريديجر جايلر فون قيصربرج Domprediger بقوله Geiler von Kayserberg (إن المرأة فى الدير ليست إلا عاهرة)
وقدشاع المثل الشعبى فى العصور الوسطى القائل: (من لفت رأسها ، عرت بطنها ، وهذه عادة كل الراهبات)
وقد اقترح أوجستين عام 388 قانون يمنع أن يدخل شاب على الراهبات أما العجائزالمُسنَّات فيسمح لهم بالدخول حتى البهو الأمامى فقط من الدير، ولأن الراهبات كُنَّ فى حاجة إلى قسيس للصلاة بهن ، فقد سمح القيصر جوستنيان فقط للرجال الطاعنين فى السن أو المخصيين بالدخول إليهن والصلاة بهن. حتى الطبيب لم يُسمَح له بالدخول إلى الراهبات وعلاجهن إلا إذا كان طاعناً فى السن أو منالمخصيين. وحتى المخصصين فقدوا الثقة فيهم، لذلك قالت القديسة باولا: على الراهبات الهرب ليس فقط من الرجال، ولكن من المخصيين أيضاً.
وكان من يقتل بنتاً يُفرَض عليه أن يقدم ابنته لأهل القتيلة يقتلونها أو يملكونها. وإذا لم يُثمر الزواج مولوداً خلال عشر سنين يُعتبر العقد فيه مفسوخاً. وكان للرجل حق قتل أولاده وبيعهم. ولم يحرَّم ذلك إلا فى القرن الخامس قبل الميلاد. ولم تكن المرأة لترث، فإذا لم يكن هناك ذكور من أسرة الموروث ورثوا الذكور من أسرة زوجته ولكن زوجته لا ترث.
ورغم أن اليونان فى قديم الزمان كانت من أكثر الأمم حضارة ومدنية. وكانت أثينا مدينة الحكمة والفلسفة والطب والعلم ،لكن المرأة كانت مُحتقرة مهينة … مثل أى سلعة تباع وتُشترى ، مسلوبةالحقوق ، محرومة من حق الميراث وحق التصرف فى المال ، بل أكثر فقد سموها رجساً من عمل الشيطان ، ولم يسمحوا لها إلا بتدبير شئون البيت وتربية الأطفال. وكان الرجل فى أثينا يُسمَح له أن يتزوج أى عدد يريده من النساء ، بلا قيد ولا شرط.
وممايُذكر عن فيلسوفهم سقراط قوله: (إن وجود المرأة هو أكبر منشأ ومصدر للأزمة والانهيار فى العالم ، إن المرأة تشبه شجرة مسمومة ، حيث يكون ظاهرها جميلاً ، ولكن عندما تأكل منها العصافير تموت من فورها).
كما كان لزوجها الحق فى بيعهاوأن تظل عند المشترى فترة تحت التجربة ، كما كان لزوجها الحق فى قتلها إذا اتهمت ولو بمجرد النظر إلى شخص غريب ولا مسئولية عليه فى ذلك. ومع هذا فإن له الحق فى أن يزنى فى منزل الزوجية ، وليس لزوجته حق الاعتراض ، كما أن حق الطلاق مكفول له متى شاء وكيف شاء. ومع ذلك فإنها تظل بعد طلاقها منه مقيدة برأيه فى زواجها لمن يريده. ويوصى عند موته بزواجها ممن يرتضيه هو وليس لها أو لأحد من أهلها حق الاعتراض.
وتذكر الأساطير اليونانية أن المرأة هى سبب الأوجاع والآلام للعالم كله ،وذلك لأن الناس فى اعتقادهم كانوا يعيشون فى أفراح ولا يعرفون معنى الألم ولا الحزن، ولكن حدث أن الآلهة أودعت أحد الناس صندوقاً وأمرته ألا يفتحه ، وكان له زوجة تُسمَّى (باندورا) مازالت تغريه بفتحه حتى فتحه فانطلقت منه الحشرات. ومنذ تلك اللحظة أُصيب الناس بالآلام والأحزان. فلهذا كانت المرأة سبباً فى الكوارث التى حلت بالبشرية كلها نتيجة لفضول المرأة وإغراء زوجها بالعصيان.
ولعلنا نلحظ شبهاً فى هذه الرواية بما تحدث عنه سفر التكوين من إغواء حواء لآدم بالأكل من الشجرة المحرمة بعد أن أغوتها الحية: ( فَرَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّ الشَّجَرَةَ جَيِّدَةٌ لِلأَكْلِ وَأَنَّهَا بَهِجَةٌ لِلْعُيُونِ وَأَنَّ الشَّجَرَةَشَهِيَّةٌ لِلنَّظَرِ. فَأَخَذَتْ مِنْ ثَمَرِهَا وَأَكَلَتْ وَأَعْطَتْ رَجُلَهَاأَيْضاً مَعَهَا فَأَكَلَ. .. .. .. فَقَالَ آدَمُ: «الْمَرْأَةُ الَّتِيجَعَلْتَهَا مَعِي هِيَ أَعْطَتْنِي مِنَ الشَّجَرَةِ فَأَكَلْتُ».) ( تكوين الإصحاح 3 /6, 12)
وكان أرسطو يعيب على أهل إسبرطة التهاون مع النساء ومنحهن بعض الحقوق ،بل إن سقراط كان يعزو سقوط إسبرطة إلى منحها الحرية للنساء. على الرغم من أن هذهالحرية لم تنالها النساء إلا لإنشغال الرجال الدائم فى الحروب.
أما المرأة فى إسبرطة فكانت تستمتع بحرية لا يُسمَح بها للرجل ، ولكن حرية هى إلى الدعارة أقرب، فكان لها أن تتزوج أكثر من رجل واحد فى القوت الذى كان يُحرَّم فيه على الرجل أن يتزوج من امرأة واحدة إلا فى الحالات الضرورية جداً.
ومن الغريب أن يرى الفيلسوف اليونانى أفلاطون شيوعية النساء ، وإلغاء نظام الأسرة على أن تتكفل الدولة بتربية الأبناء.
ويحدثنا التاريخ عن اليونان فى إدبار دولتهم كيف فشت فيهم الفواحش والفجور ، وعُدَّ من الحرية أن تكون المرأة عاهراً ، وأن يكون لها عُشَّاق، ونصبوا التماثيل للغوانى والفاجرات ، وقد أفرغوا على الفاحشة ألوان القداسة بإدخالها المعابد ، حيث اتخذ البغاء صفة التقرب إلى آلهتهم ، ومن ذلك أنهم اتخذواإلهاً أسموه (كيوبيد) أى (ابن الحب) ، واعتقدوا أن هذا الإله المزعوم ثمرة خيانةإحدى آلهتهم (أفروديت) لزوجها مع رجل من البشر.
ولم يكن يُسمَح بتعليم المرأة اليونانية الحرة ، إنما كان التعليم قاصراً على البغايا. حتى كان الرجل الذى يكره الجهل فى المرأة يلجأ إلى البغى.
أما عندالبابليين: كانت المرأة تُحسَب فى قانون حمورابى من عِداد الماشية المملوكة ، وكان تشريع بابل يعطى رب الأسرة حق بيع أسرته أو هبتهم إلى غيره مدة من الزمن ، وإذا طلق الزوج زوجته تُلقى فى النهر ، فإذا أراد عدم قتلها نزع عنها ثيابها وطردها من منزله عارية ، إعلاناً منه بأنها أصبحت شيئاً مُباحاً لكل إنسان. وقضت المادة 143 من قانون حامورابى أنها إذا أهملت زوجها أو تسببت فى خراب بيتها تُلقَى فى الماء. ومن قتل بنتاً لرجل كان عليه أن يُسلِم ابنته ليقتلها أو يمتلكهاأو يبيعها إن شاء. وقد أعطى تشريع حمورابى للمرأة بعض الحقوق ، وإن كان هذاالتشريع لم يمنع اتخاذ الخليلات إلى جانب الزوجات فى الوقت الذى يقرر قيه إفراديةالزوجة. وقد ظل هذا القانون يمنح الرجل السيادة المطلقة على المرأة ، وإن كان قدمنح الزوجة حق الطلاق إذا ثبت إلحاق الضرر بها. أما إذا طلبت الطلاق ، ولم يثبتالضرر فتُطرَح فى النهر ، أو يُقضى عليها بالحرق. كما أنها إذا نشزت عن زوجها بدون إشارة منه تُغرَق ، والمرأة المسرفة تُطلَّق أو يستعبدها زوجها.
وكانت المرأة عند الفرس قبل الإسلام يُنظر إليها نظرة كلهااحتقار. وقد استمرت مهضومة الحق ، مجهولة القدر ، مظلومة فى المعاملة ، حتى أنقذهاالإسلام.
وقد ذكر هيرودوت المؤرخ اليونانى القديم أنه كان من آلهة الفرسالقديمة إلهة تُسمى (عشتار) ، وهى عندهم بمثابة إلهة الحب والجمال والشهوة والأنسال، وكانت تُسمِّى نفسها إلهة العهر أو العاهر الرحيمة. وكان القربان الذى يُقدَّملها هو الفتيات الأبكار ، فكنَّ يذهبن إلى معبد الإلهة ، وكان كل رجل تعجبه فتاة يلقى فى حجرها قطعة من فضة ، ثم يقوم بفض بكارتها.
وقد أُبيح للرجل الفارسى (الزواج بالأمهات والأخوات والعمَّات والخالات وبنات الأخ وبنات الأخت، وكانت تُنفىالأنثى فى فترة الطمث إلى مكان بعيد خارج المدينة، ولا يجوز لأحد مخالطتها إلاالخدام الذين يقدمون لها الطعام ، وفضلاً عن هذا كله فقد كانت المرأة الفارسية تحتسيطرة الرجل المطلقة ، يحق له أن يحكم عليها بالموت ، أو يُنعم عليها بالحياة.)
فقد تزوج يزدجرد الثانى ، الذى حكم أواسط القرن الخامس الميلادى ، ابنته ثمقتلها .وقد تزوج بهرام جوبين ، الذى تملك فى القرن السادس ، بأخته. وقد بررهؤلاء تلك الأعمال المشينة بأنها قربى إلى الله تعالى ، وأن الآلهة أباحت لهم الزواج بغير استثناء.
أما المرأة الرومانية فقد كان انتشار تعدد الزوجات رائجاً عند الرومان فى العرف لا فى القانون ، ولكن( فالنتْيَان الثانى) العاهل الرومانى قد أصدر أمرأ رسمياً أجازَ فيه لكل رومانى أن يتزوج أكثر من امرأة إذا شاء. الأمر الذى لم يستنكره رؤساء الدين من الأساقفة ، وقد حذا حذو (فالنتْيَان الثانى) كل من أتى بعده.
واستمر تعدد الزوجات منتشراً بين الرومانيين حتى أتى (جوستنيان) ، فسنَّ قوانين تمنع تعدد الزوجات. إلا أن الرجال من الرومانيين استمروا على عاداتهم فى التزوج بأكثر من امرأة ، واستمرالرؤساء والحكام بالإكثار من الزوجات.
وتساهل رجال الدين ،وسمحوا للراغبين فى التزوج بأكثر من واحدة بتحقيق رغباتهم ومطالبهم. فكان الرئيسالدينى يعطى ترخيصاً بذلك لمن يريد. واستمر تعدد الزوجات عندهم أسوة بأنبيائهم وكتابهم المقدس (العهد القديم) ، واستمر رجال الكنيسة يُجيزون تعدد الزوجات حتى منتصف القرن الثامن عشر ، ولم يمنعوا التعدد إلا بعد هذا القرن .
وكانت المرأة عندهم تُبَاع وتُشتَرى كأى سلعة من السلع ، كما أن زواجها كان يتم أيضاً عن طريق بيعها لزوجها. وكان لهذا الزوج بعد ذلك السيادة المطلقة عليها. ولم يكن يُنظَرإلى المرأة كأنها ذو روح بل كانت تُعتَبر مخلوقاً بغير روح ، ولهذا كان يُحرم عليهاالضحك والكلام إلا بإذن. كما كان بعضهم يُغالى أحياناً فيضع فى فمها قفلاً من حديد، كانوا يسمونه الموسيلير Moselier ، وكانوا يحرمون عليها أحيانا أكل اللحوم كماكانت تتعرض لأشد العقوبات البدنية باعتبارها أداة للغواية وأحبولة من حبائل الشيطان. وكان للرجل أن يتزوج من النساء ما يشاء ويتخذ من الخليلات مايريد.
وكانت الزوجة تكلف بأعمال قاسية وكان من حق الزوج بيعها أو التنازل عنها للغير أو تأجيرها .
ولما اعتنق الرومان المسيحية أصبح للزوجة الأولى بعض الميراث ـ أما بقية الزوجات فكنَّ يُعتَبرن رفيقات. والأبناء منهن يُعاملن معاملةأبناء الزنا اللقطاء ، ولذلك لا يرثون ويُعتبرون منبوذين فى المجتمع.
ومنعجيب ما ذكرته بعض المصادر أن ما لاقته المرأة فى العصور الرومانية تحت شعارهم المعروف "ليس للمرأة روح" تعذيبها بسكب الزيت الحار على بدنها ، وربطها بالأعمدة ،بل كانوا يربطون البريئات بذيول الخيول ، ويسرعون بها إلى أقصى سرعة حتى تموت.
وكما اسلفنا فإن النص التوراتي – وللاسف – زاد من التحريض على امتهان المرأة واذلالها وتحقيرها وجعها رمزا للخطيئة والشر والنقائص " وكانت إمرأة جالسة في وسط الايفة …… فقال ( هذه هي الشر ) فطرحها إلى وسط الإيفة وطرح ثقل الرصاص على فمها " ( زكريا 5 عدد 7-
فإذا كان المتعالي الخالق ورسله البررة يصفون المرة " هذه هي الشر" فماذا سيقول البشر بصالحهم وفاجرهم؟؟؟
" . لتصمت نساؤكم في الكنائس لأنه ليس مأذونا لهنّ أن يتكلمن بل يخضعن كما يقول الناموس أيضا. ولكن أن كنّ يردن أن يتعلمن شيئا فليسألن رجالهنّ في البيت لأنه قبيح بالنساء أن تتكلم في كنيسة " ( 1كورنثوس :14 عدد34- 35 )
" لتتعلّم المرأة بسكوت في كل خضوع. ولكن لست آذن للمرأة أن تعلّم ولا تتسلط على الرجل بل تكون في سكوت.لان آدم جبل أولا ثم حواء( 1تيموثاوس :2 عدد11-12-13 )
والمرأة ميراث…لا أكثر" فكان سبعة إخوة.واخذ الأول امرأة ومات بغير ولد. (30) فأخذ الثاني المرأة ومات بغير ولد. (31) ثم أخذها الثالث وهكذا السبعة.ولم يتركوا ولدا وماتوا. (32) وآخر الكل ماتت المرأة أيضا. (33) ففي القيامة لمن منهم تكون زوجة.لأنها كانت زوجة للسبعة. (34) فأجاب وقال لهم يسوع أبناء هذا الدهر يزوجون ويزوجون. (35) ولكن الذين حسبوا أهلا للحصول على ذلك الدهر والقيامة من الأموات لا يزوجون ولا يزوجون.(لوقا 20 عدد29-35 )
" اذا تخاصم رجلان بعضهما بعضا رجل واخوه وتقدمت امرأة احدهما لكي تخلّص رجلها من يد ضاربه ومدّت يدها وامسكت بعورته (12) فاقطع يدها ولا تشفق عينك " ( التثنية 11:25-12)
" ايها النساء اخضعن لرجالكنّ كما للرب. (23) لان الرجل هو راس المرأة كما ان المسيح ايضا راس الكنيسة.وهو مخلّص الجسد. (24) ولكن كما تخضع الكنيسة للمسيح كذلك النساء لرجالهنّ في كل شيء ".( أفسس 5 عدد22-24)
" ايتها النساء اخضعن لرجالكنّ كما يليق في الرب " (كولوسي3 عدد18 )
كلم بني اسرائيل قائلا.اذا حبلت امرأة وولدت ذكرا تكون نجسة سبعة ايام.كما في ايام طمث علتها تكون نجسة.( لاويين12 عدد2 ) في حين أنها " وان ولدت انثى تكون نجسة اسبوعين كما في طمثها.ثم تقيم ستة وستين يوما في دم تطهيرها " (لاويين12 عدد5 )
وفي حين كانت المرأة تطمح إلى التخلص من هذه القيود وتتطلع إلى حريتها المفقودة فإن النص التوراتي زاد قيودها ففرض على المرأة أن تتزوج أخا زوجها إذا مات زوجها وتكتب الاولاد باسم أخا زوجها … وهذا ما جعل أحد أصدقائي المتمسكين بدينه قلقلا عند كل عارض صحي يمس أخاه…. الذي يكبره بسنوات خشية أن يحدث أمر الله ..فيجبر على الزواج من زوجة أخيه….""إِذَا سَكَنَ إِخْوَةٌ مَعاً وَمَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَليْسَ لهُ ابْنٌ فَلاتَصِرِ امْرَأَةُ المَيِّتِ إِلى خَارِجٍ لِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ. أَخُو زَوْجِهَايَدْخُلُ عَليْهَا وَيَتَّخِذُهَا لِنَفْسِهِ زَوْجَةً وَيَقُومُ لهَا بِوَاجِبِ أَخِي الزَّوْجِ. 6وَالبِكْرُ الذِي تَلِدُهُ يَقُومُ بِاسْمِ أَخِيهِ المَيِّتِ لِئَلا يُمْحَى اسْمُهُ مِنْ إِسْرَائِيل. 7«وَإِنْ لمْ يَرْضَ الرَّجُلُ أَنْيَأْخُذَ امْرَأَةَ أَخِيهِ تَصْعَدُ امْرَأَةُ أَخِيهِ إِلى البَابِ إِلىالشُّيُوخِ وَتَقُولُ: قَدْ أَبَى أَخُو زَوْجِي أَنْ يُقِيمَ لأَخِيهِ اسْماً فِي إِسْرَائِيل. لمْ يَشَأْ أَنْ يَقُومَ لِي بِوَاجِبِ أَخِي الزَّوْجِ. 8 فَيَدْعُوهُشُيُوخُ مَدِينَتِهِ وَيَتَكَلمُونَ مَعَهُ. فَإِنْ أَصَرَّ وَقَال: لا أَرْضَى أَنْ أَتَّخِذَهَا 9تَتَقَدَّمُ امْرَأَةُ أَخِيهِ إِليْهِ أَمَامَ أَعْيُنِ الشُّيُوخِ وَتَخْلعُ نَعْلهُ مِنْ رِجْلِهِ وَتَبْصُقُ فِي وَجْهِهِ وَتَقُولُ: هَكَذَا يُفْعَلُ بِالرَّجُلِ الذِي لا يَبْنِي بَيْتَ أَخِيهِ. 10فَيُدْعَى اسْمُهُ فِي إِسْرَائِيل «بَيْتَ مَخْلُوعِ النَّعْلِ».) (تثنية 25/ 5-10).